للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا شهد شاهدان أنه أعتقه البتة وشهد آخران أنه أعتقه عن دبر منه، وقضى القاضي بشهادتهم، ثم رجعوا جميعاً فالضمان على شاهدي الإعتاق لا على شاهدي التدبير، لأن القاضي قضى بشهادة شاهدي الإعتاق لا بشهادة شاهدي التدبير، لأن القضاء بالتدبير مع الإعتاق لا يفيد وإن كان يتصور وقوعهما على الصحة، بأن كان التدبير أولاً ثم العتق، وإذا كان القضاء بالتدبير لا يفيد مع العتق لا يقضى به، وكان بمنزلة ما لو شهد شاهدان بالواحدة، وشهد آخران بالثلاث ورجعوا إنه لا ضمان على شهود الواحدة؛ لأن القضاء لم يقع بشهادة الواحدة، لأن القضاء بالواحدة مع الثلاث لا يفيد.

ولو شهد شاهدا التدبير أول مرة وقضى القاضي بشهادتهما، ثم شهد شاهدا الإعتاق بالإعتاق، وقضى القاضي بذلك، ثم رجعوا فإن شاهدي التدبير يضمنان ما نقصه التدبير، ويضمن شاهدا العتق قيمته مدبراً، أما شاهدا التدبير يضمنان النقصان، لأن القاضي قضى بشهادتهما، لأن القضاء بالتدبير يقرن حكمه مع العتق البات، وإذا قضى بشهادة التدبير، والتدبير مكن نقصاناً به، فإذا رجعا ضمنا ذلك ويضمن شاهدا العتق قيمته مدبراً؛ لأنهما أزالا المدبر عن ملكه بغير عوض، ألا ترى أن من غصب مدبر إنسان وعجز عن رده ضمن قيمته؟ وطريقه ما قلنا.

وإن كان شاهدا العتق البات شهدا أنه أعتقه قبل التدبير البتة، فأعتقه القاضي، ثم رجعوا عن شهادتهم ضمن شاهدا العتق قيمته، ولم يضمن شاهدا التدبير، إذ تبين أن القضاء بالتدبير كان باطلاً، وإذا ظهر بطلان القضاء صار كأن القاضي لم يقض بها.

قالوا: ويجب أن يكون هذا الجواب على قول أبي يوسف ومحمد، أما على قول أبي حنيفة فينبغي أن لا يقضي القاضي بشهادة العتق؛ لأن الدعوى من العبد شرط لسماع البينة على التدبير والعتق، ودعوى العبد الإعتاق قبل دعواه التدبير لا يصح لمكان التناقض، بقيت الشهادة على العتق بلا دعوى.

وإذا شهد شاهدان على رجل أنه أعتق عبده (عام أول يوم من رمضان) ، فأجاز القاضي شهادتهما وأعتقه، ثم رجعا عن شهادتهما فيضمنان القيمة، أو لم يضمنها حتى شهد شاهدان أنه أعتقه عام أول في شوال لا تقبل شهادتهما، وبقي الضمان على الأولين لا ينتفعان بشهادة الفريق الأول، لأن الفريق الثاني شهدوا بعتق باطل لأن بعدما أعتقه في رمضان لا يتصور عتقه بعد ذلك في شوال (١٦٢ب٤) فكأنه لم يشهد به الفريق الثاني إنما شهد به الفريق الأول، ثم رجعوا، وهناك يضمنان قيمة العبد للمولى فههنا كذلك.

ثم يكون حكمه حكم الأحرار في جراحته وحدوده وقصاصه من رمضان لأن القاضي أثبت حرمته في رمضان بالبينة والثابت بالبينة العادلة كالثابت معاينة، ولو عاينا أنه أعتقه في رمضان كان حكمه حكم الأحرار من رمضان فكذا ههنا، ولكن يضمن الأولين قيمة العبد يوم قضاء القاضي بعتقه لا في أول يوم من رمضان، ففي حق إيجاب القيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>