للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيع الذي ادعى أنه باعه بألف، فحاصل ما يجب اعتباره في تخريج مسائل هذا الباب على قوله هذا.

إذا عرفنا الرواية. جئنا إلى بيان المعنى، فنقول: على قول محمد رحمه الله: إذا كان المبيع في يد أحدهما وشهد الشهود بالعقد دون القبض إنما يجعل القبض المعاين أولاً، لأن الشهود شهدوا بأصل التاريخ بين هذين العقدين، إن لم يشهدوا بكيفيته؛ لأن كل فريق شهدوا بالعقد في وقت غير الوقت الذي شهد به الآخر؛ لأن الوقت لو كان واحداً لكانا لا يشهدان؛ لأن العقدين يكونان باطلين، إلا أنهم لم يثبتوا السابق منهما، فجعلنا شراء الذي له قبض معاين سابقاً حكماً؛ لأن السبق في باب الشراء مما يثبت بالقبض، كما لو ادعيا الشراء من ثالث، ولأحدهما يد يجعل شراؤه سابقاً على ما مر قبل هذا، ولأن في تقديم شراءه تصحيح الشراءين وليس في تقديم شراء الخارج تصحيح الشراءين، بل فيه إفساد شراء ذي اليد منه، لأن الشهود لم يشهدوا بالقبض، فيصير الخارج بائعاً المشتري المنقول قبل القبض، وإنه لا يجوز، وأما إذا شهدوا بالعقد والقبض، فإنما يجعل المعاين آخر القبوض؛ لأن الأصل أن القبض إذا ثبت عقيب عقد يحال به على ما ظهر من السبب لا على غيره، ولأن أي الشراءين قدمناه يصح العقدان، فيقدم شراء الخارج حتى لا يحتاج إلى نقض القبض المعاين بالشك ولأن في هذه الصورة السبق في باب الشراء مما يثبت بالقبض، وقبض الخارج سابق؛ لأنه ينقض؛ فإن الانقضاء دليل السبق، والقيام دليل التأخير، هذا إذا كان في جعل القبض المعاين آخراً في هذه الصورة تصحيح العقود، فأما إذا كان في جعله آخراً إفساد بعض العقود وفي جعله أولاً تصحيح العقود كلها، القياس: أن يجعل آخراً على قوله، وفي الاستحسان يجعل أولاً.

وجه القياس: أن هذا قبض وجد عقيب الشراء، فيجب أن يكون قبض شراء وإن كان فيه إفساد بعض العقود، كما لو شهدوا بالعقد دون القبض، ولأن السبق مما يثبت بالقبض في باب الشراء، فيثبت سبق الشراء بسبق القبض، وقبض الخارج سابق؛ لأنه ينقض، وقبض ذي اليد متأخر؛ لأنه قائم، وإذا كان قبضه متأخراً كان شراؤه متأخراً.

وجه الاستحسان: أن القبض الموجود عقيب الشراء، إنما يجعل قبض الشراء من حيث الظاهر لا بدليل يوجب ذلك، وكذلك انقضاء القبض يدل على السبق من حيث الظاهر لا بدليل يوجب ذلك، وقد قابل هذا الظاهر ظاهراً آخر، فإن الظاهر من حال المسلم العاقل أنه يقدم على العقد الصحيح دون الفاسد، والعمل بهما متعذر لما بينهما من التنافي، فكان العمل بالظاهر الذي فيه تصحيح العقود كلها أولى من العمل بالظاهر الذي فيه إفساد بعض العقود، بخلاف ما إذا شهدوا بالعقد دون القبض، لأن الشهود لم يشهدوا للخارج بالقبض، ولا يمكن إثبات القبض من غير شهادة ولا معاينة، فشراء الخارج إن اعتبر أولاً يفسد بعض العقود أيضاً، وهو شراء ذي اليد؛ لأن الخارج يصير تابعاً ما اشترى قبل القبض.Y

<<  <  ج: ص:  >  >>