للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل: أن الشهادة بولادة العبد والأمة من أمة إنسان، شهادة بملك العبد والأمة لمولى الأمة والشهادة بولادة الابن والأمة من أمة إنسان ليست بشهادة بملك الابن والبنت لمولى الأمة.

ولو شهدوا على ثوب في يدي رجل أنه غزل من قطن فلان ونسج منه، فإنه لا يقضي بالثوب لفلان؛ لأنهم لم يشهدوا بالملك لفلان، فقد يغزل القطن وينسج ولا يكون المنسوج ملكاً لصاحب القطن بأن غزل ونسج بغير أمره، هكذا ذكر في «الأصل» وذكر بعد هذه المسألة مسائل منها.

إذا شهدوا أن فلاناً غزل هذا الثوب من قطن فلان، وهو يملك القطن ونسج الثوب هل للمدعي أن يأخذ الثوب، وجعله على وجهين:

إما أن يدعي المدعي الأمر بالغزل والنسج أو ينكر، فإن كان ينكر فلا يكون له أخذ الثوب، ولكن يضمنه قطناً مثل قطنه، لأنه ثبت ملك القطن للمدعي بهذه الشهادة، وثبت غزل ذي اليد ذلك القطن ونسجه، ولم يثبت أمر المدعي بذلك فكان الغزل والنسج بغير أمر المدعي، وهذا مما يقطع ملكه عن العين فلا يكون للمدعي حق الأخذ ولكن له أن يضمنه قطناً مثل قطنه، وإن ادعى الإذن فالقول قوله مع اليمين، وله أن يأخذ الثوب، ولو شهدوا أن هذه الحنطة من زرع حصل من أرض فلان لا يقضي لصاحب الأرض بملك الحنطة باتفاق الروايات؛ لأنهم لم يشهدوا له بملك الحنطة فقد يحصد من أرض إنسان ما لا يكون مملوكاً له، بأن كان الزارع غاصباً للأرض فهل يقضى له بأخذ الحنطة؟ فقد ذكر في رواية أبي سليمان أنه لا يقضى.

وجه ما ذكر في رواية أبي سليمان: أنه كما لم يثبت الملك لصاحب الأرض في هذه الحنطة بهذه الشهادة، لم يثبت الأخذ من يده بهذه الشهادة، لأن الشهود لم يعينوا الأخذ، فكان المشهود عليه بالأخذ مجهولاً وجهالة المشهود عليه يوجب بطلان الشهادة.

وجه ما ذكر في رواية أبي حفص أنهم شهدوا بالأخذ من يده؛ لأن الحصاد أخذه وقد شهدوا بالحصاد من أرضه، وأرضه في يده فكأنهم شهدوا بالأخذ من يده، قوله بأن المشهود عليه بالأخذ مجهول، قلنا لا بل هو معين ولكن اقتضاء لا نصاً، لأن المأخوذ في يده فيكون هو الآخذ.

قالوا: وما ذكر في رواية أبي سليمان أصح، لأنه ليس من ضرورة كون المأخوذ من يده أن يكون هو الآخذ غير ذي اليد، وقد أودعه صاحب اليد، وصاحب اليد يحوله عن موضعه حتى لم يصر غاصباً.Y

قال شيخ الإسلام رحمه الله: إذا شهدوا أن هذا الشيء أخذ من يد هذا المدعي، ولم يعينوا الأخذ يجب أن تكون المسألة على الروايتين أيضاً، على رواية أبي سليمان لا يقضى بالأخذ وعلى رواية أبي حفص يقضى.

قال: وهذا بخلاف ما لو شهدوا أن هذا الثوب غزل من قطن فلان، ونسج حيث لا يكون لفلان أن يأخذ الثوب، لأن هناك لم يثبت أخذ المنسوج من يده، إنما يثبت أخذ

<<  <  ج: ص:  >  >>