للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجعلناها أم ولد البائع إذا ادعاها قبل إعتاق المشتري، لأنه ليس من ضروراته عملاً بالشبهين بقدر الإمكان.

وإذا صحت دعوى البائع في حق الولد دون الأم ذكر أن الثمن يقسم على الجارية وعلى الولد على قدر قيمتيهما، فما أصاب الولد يجب على البائع رده، لأنه لم يسلم الولد للمشتري، فلا يسلم للبائع بدله، وما أصاب قيمة الأم يمسكه البائع؛ لأن الأم سلمت للمشتري، فلا يسلم للبائع بدلها، فقد جعل للولد حصته من الثمن.

وكان ينبغي أن لا يكون له حصة من الثمن؛ لأنه حدث بعد قبض المشتري، والجواب: الولد من حيث الصورة حدث بعد قبض المشتري، أما من حيث الحكم: فهو حادث قبل قبض المشتري، لأنه حدث في حال البائع فسخ العقد، فإن للبائع فسخ هذا البيع بالدعوى، وإن قبضه المشتري كما لو فسخ هذا البيع قبل القبض بالاستهلاك، وإذا كان الولد حادثاً قبل القبض معنى صار له حصته من الثمن متى استهلكه المشتري بالدعوى، فلهذا صار له حصته من الثمن.

وكذلك الجواب فيما إذا كان دبره لأن بالتدبير يثبت حق العتق، فيعتبر بحقيقة العتق، ألا ترى أن في الولد استوى العتق والتدبير حتى لم تصح دعوى البائع الولد بعد تدبيره، كما لم تصح دعوته قبل إعتاقه، ولم يكن شيء من ذلك ولكنها ماتت عند المشتري، ثم ادعى البائع الولد، فعلى قول أبي حنيفة: تصح دعوته في حق الولد والأم جميعاً حتى يجب على البائع رد جميع الثمن على المشتري، كما لو كانت الأم حية، وعلى قولهما: لا تصح الدعوى في حق الأم كما لو أعتقها المشتري، ولا يلزمه رد الثمن بحصة الأم، لأنه تعذر فسخ البيع فيها بعد الموت كما في فصل العتق والتدبير.

قالوا: هذه المسألة في الحاصل بناءً على مسألة معروفة أن رق أم الولد هل هو متقوم؟ فعند أبي حنيفة رحمه الله ليس بمتقوم حتى لا يضمن بالغصب، فكذا لا يكون له حصته من الثمن، وقد زعم البائع أنها أم ولده، وزعمه حجة في حقه، وعلى قولهما: رقها متقوم حتى يضمن بالغصب، فتمسك حصتها من الثمن.

ثم فرق أبو حنيفة بين فصل الموت وبين فصل العتق والتدبير، مع أن البائع زعم أنها أم ولد له في الفصول كلها، وجه الفرق له: أن في الفصول المتقدمة القاضي كذب البائع فيما زعم حين جعلها معتقة من المشتري، أو مدبرة أو أم ولد، فلم يبق لزعمه عبرة، فأما ههنا بعد موتها لم يجز الحكم بخلاف ما زعم البائع، فبقي زعمه معتبراً في حقه؛ فلهذا رد جميع الثمن، ولم يكن شيء من ذلك، ولكن المشتري باعها من غيره، أو كاتبها أو زوجها، أو وهبها وقبضها الموهوب له، ثم إن البائع ادعى الولد صحت دعوته في حق الأم والولد جميعاً، وينقض هذه التصرفات ويرد الجارية على البائع، فهما يحتاجان إلى الفرق بين هذه التصرفات وبين الموت، والفرق: أن بعد موت الأم إنما لم تصح دعوى البائع في حق الأم، لأنه تعذر فسخ البيع فيها بعد الموت، أما بعد هذه التصرفات فسخ البيع

<<  <  ج: ص:  >  >>