للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الأب عند تكذيبهما، فعند تصديق البائع أولى، وأما عند محمد فلأن بتصديق البائع ثبت نسب الولد الذي لم يبع منه؛ لأن الأب لا يكون أدنى حالاً من الأجنبي، ولو كان أجنبياً ادعى نسبه وصدقه الابن يثبت نسبه منه، فههنا أولى من ضرورة ثبوت نسب هذا ثبات نسب الآخر، ويكون الولد الذي عند البائع حراً بغير قيمة لاعتراف مالكه أنه حر الأصل، والجارية والولد المبيع مملوكان للمشتري؛ لأن البائع والمدعي لا يصدقان على المشتري، وليس من ضرورة الحكم بحرية أحد الولدين الحكم بحرية الأم والولد الآخر لما مر.

ثم إن محمداً رحمه الله ذكر في «الكتاب» : حكم الولد في هذا الفصل، ولم يذكر حكم الأم وكان القاضي الإمام أبو حازم والقاضي الإمام أبو الهيثم رحمهما الله يقولان: على قياس قول أبي يوسف ومحمد: يضمن البائع قيمة الجارية أم ولد للمدعي وهو الأب؛ لأنه لما صدق أباه فقد أقر أنه باع أم ولد ابنه وسلمها وبه يصير غاصباً، وأم الولد عندهما مضمونة بالغصب، ويضمن المدعي وهو الأب للبائع وهو ابنه قيمتها فيه؛ لأنهما تصادقا أن الأب استولد جارية الابن وأنه يملكها بالقيمة.

وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله: لا يضمن البائع لوالده شيئاً؛ لأن أم الولد لا تضمن بالغصب عنده، وقال أكثر مشايخنا: لا يضمن أحدهما لصاحبه شيئاً بالاتفاق. أما عند أبي حنيفة: فالبائع لا يضمن شيئاً للأب لما مر، والأب لايضمن لابنه شيئاً من قيمة الجارية فيه؛ لأن ثمنها سالم للبائع لما بقي البيع صحيحاً في حق المشتري، والثمن عوض عن الجارية، فلو أخذ البائع من الأب قيمة الجارية يجتمع في ملكه عوضان بإزاء معوض واحد وإنه لا يجوز، وأما عندهما فالأب لا يضمن لهذه العلة أيضاً، ولا يضمن للابن أيضاً، وإن أقر بغصب أم الولد بالبيع والتسليم؛ لأن القاضي لما قضى بصحة البيع وكونها مملوكة للمشتري، فقد كذبه فيما أقر فيلحق إقراره بالعدم.

جارية لرجل حبلت في ملكه، فباعها وهي حامل وقبضها المشتري، ثم اشتراها البائع فوضعت حملها في يده لأقل من ستة أشهر، فادعاه أب البائع الأول، وكذبه ابنه في ذلك كانت دعوى الأب باطلة لما ذكرنا أن من شرط صحة الدعوى قيام حق التملك فيما بين الدعوى والعلوق، وهذا لما ذكرنا أن دعوى الأب متى صحت يستند إلى وقت العلوق، ولهذا يعلق الولد حراً، وانقطاع ولاية التملك فيما بين العلوق والدعوى يمنع الاستناد إلى وقت العلوق، فلا تصح دعوته لهذا، ولو صدقه الابن كانت الجارية أم ولد له بالقيمة (٢٣١أ٤) ويثبت نسب الولد، ويكون حراً بغير قيمة؛ لأن الملك للابن وقد أقر بكونها أم ولد لابنه من وقت العلوق، وأن بيعه كان باطلاً، فيقبل قوله في حقه، ولا يقبل في حق المشتري حتى لا ينتقض البيع الذي كان جرى بينهما.

ولو أن المشتري لم يبعها من البائع، ولكنه ردها بعيب بقضاء القاضي أو بغير قضاء القاضي أو بخيار الشرط أو بخيار الرؤية، أو كان البيع فاسداً وقد قبضها المشتري، فردها على البائع بحكم فساد البيع، ثم أب البائع ادعى الولد، فهذا والأول سواء في جميع ما وصفت ذلك؛ لأنه انقطعت ولاية التملك فيما بين طرف العلوق والدعوى لزوال

<<  <  ج: ص:  >  >>