للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن حكمنا بحرية الولد الآخر من الأصل حتى لم يكن للبائع على الولد ولاءٌ؛ لما قلنا في الولد الواحد إن الحرية لا تظهر في حق اليد.

وكذلك إن اكتسب أحدهما كسباً قبل الدعوى، ثم ادعاهما البائع ثبت نسبهما من البائع؛ لأنه صحت دعوته في حق الحي، ومن ضرورته صحة الدعوى في حق الآخر؛ لأنهما خلقا من ماء واحد لا يتصور أن يثبت نسب أحدهما وحريته من الأصل دون الآخر، وإذا صحت دعواهما فيما ذكر أن قيمة المقتول تكون لورثة المقتول ولا تكون للمشتري، ولم يحكم بحريته من الأصل في حق الجاني حتى لم يوجب عليه الدية بل أوجب القيمة، ومثل هذا جائز، يجوز أن يكون الشخص الواحد عبداً وحراً في حق شخصين وفي حق حكمين، ألا ترى أن من أقر بحرية عبد في يد غيره ثم اشتراه اعتبر عبداً في حق البائع حتى يستحق الثمن على المشتري، ويعتبر حراً في حق المشتري حتى يحكم بعتقه عليه، واعتبر شراؤه في حقه تخليص الحر، كذا ههنا.

وفرق بين الأرش والكسب والقيمة، فجعل الكسب والأرش للمشتري، وجعل القيمة لورثة المقتول. والفرق: أن من ضرورة ثبوت أحدهما وحريته من الأصل؛ لأن التوأم لا ينفصل أحدهما عن الآخر في حق ثبوت النسب والحرية، والقيمة بدل عن النفس، فإذا ظهرت الحرية في حق النفس من الأصل؛ يثبت في بدل النفس؛ فيكون لورثة المقتول ضرورة أما ليس من ضرورة ثبات النسب وثبوت حرية الأصل في حق النفس ثبوتها في حق الأطراف المبانة، لأن حرية الذات متصورة بدون الأطراف بأن كانت فبانت الأطراف من الأصل، فلا ضرورة إلى قطع ملك المشتري عن الأرش، وكذلك في الكسب؛ لأن حرية الذات متصورة بدون حرية ما فات بسبب الكسب، وهو المنافع كما يتصور بدون حرية الأطراف، فلا ضرورة إلى ملك المشتري عن الكسب، فلذا افترقا قال: ولو لم يدعهما البائع، وإنما ادعاهما المشتري ثبت نسبهما منه لما ذكرنا في الولد الواحد.

وإذا ولدت الأمة عند رجل ولدين في بطن واحد، فباع أحدهما وادعى المشتري الولد الذي اشتراه أنه ابنه، صحت دعوته وثبت نسب الولدين منه؛ لأنهما توأمان، فمن ضرورة ثبوت نسب أحدهما منه ثبوت نسب الآخر، ولا يعتق الولد الآخر؛ لأن دعوى المشتري دعوى تحرير؛ لأن أصل العلوق لم يكن في ملكه، فكأنه أعتق ما اشترى للحال، وليس من ضرورة عتق أحد التوأمين بعتق عارض عتق الآخر، ولا تصير الجارية أم ولد له، لأن أمية الولد قد تنفصل عن حرية الولد من الأصل كما في الولد المغرور، ففي حرية عارضة أولى.

وإذا حبلت الأمة عند رجل وولدت ابنة فكبرت ابنتها؛ وولدت ابنة، ثم إن المولى باع الابنة السفلى وأعتقها المشتري ثم إن المولى ادعى الابنة العليا، ثبت نسب العليا وثبت نسب السفلى وبطل عتق المشتري، وكانت بمنزلة التوأم، وإنما بطل إعتاق المشتري؛ لأنه يبين أنها كانت حرة قبل شرائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>