للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشر تكبيرة ثلاث أصليات وثلاث عشر زوائد سبع في الأولى، وست في الثانية، فقد اختلفوا في عدد التكبيرات.

وموضعها، على نحو ما بينا فيحمل اختلافهم على اختلاف فعل رسول الله عليه السلام في صلاة العيد، لأن المقادير في العبادات لا تثبت قياساً كأصلها وإنما تثبت توقيفاً وسماعاً، فحمل ما روي عن واحد منهم على أنه رأى رسول الله عليه السلام فعل ذلك، ولم يثبت عنده نسخ ذلك، فصار المروي عنهم كالمروي عن رسول الله عليه السلام، فيجب ترجيح بعض الأقوال على البعض، لما جهل التاريخ.

فالشافعي رحمه الله رجح ما اشتهر عن أبي بكر، وابن عباس رضي الله عنهم أخذاً بالأكثر احتياطاً.

وأصحابنا رجحوا قول ابن مسعود رضي الله عنه في العدد، وفي الموضع أما في العدد؛ لأنه لا تردد في قوله، ولا اضطراب، فإنه قال قولاً واحداً وفي أقوال غيره تعارض واضطراب، فكان قوله أثبت؛ ولأن قوله ينفي الزيادة على التسع، وأقوال غيره تثبت والنفي موافق القياس؛ إذ القياس ينفي إدخال زيادة للأذكار في الصلاة، قياساً على غيرها من الصلوات، والإثبات مخالف للقياس.

ولا شك أن الأخذ بالموافق للقياس أولى، ولأن الجهر بالتكبير وهو ذكر مخالف للمنصوص والأصول، فالأخذ بما اتفقت الأقاويل عليه، وهو متيقن أولى؛ ولأن ما قاله ابن مسعود رضي الله عنه أشهر، فإنه عمل به جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين على نحو ما بينا، فكان الأخذ به أولى، وإذا وجب ترجيح قول ابن مسعود رضي الله عنه في العدد وجب ترجيحه في الموضع؛ لأن الرواية واحدة إلا أن الناس يعملون اليوم على مذهب ابن عباس رضي الله عنهما؛ لأن الخلافة لأولاده وهم أخذوا على الولاة وكتبوا في مناشيرهم أن يصلوا صلاة العيد على مذهب جدهم.

وهو تأويل ما روي عن أبي يوسف رحمه الله أنه قدم بغداد، فصلى بالناس صلاة العيد، وخلفه هارون الرشيد، فكبر تكبير ابن عباس رضي الله عنهما، وكذا روي عن محمد رحمه الله أنه فعل ذلك فتأويله أن هارون أخذ عليهما، وأمرهما أن يكبرا تكبيرة جده، ففعلا ذلك امتثالاً لأمره، وإظهاراً لمتابعته لا مذهباً واعتقاداً، ثم عملوا برواية الزيادة في عيد الفطر وبرواية النقصان في عيد الأضحى، ليكون عملاً بالروايتين، وإنما اختاروا رواية النقصان لعيد الأضحى لاشتغال الناس بالقرابين فيه.

ويقدم الثناء على تكبيرات العيد في ظاهر الرواية، وروى ابن كاس عن أبي يوسف رحمه الله: أنه يقدم تكبيرات العيد على الثناء.

وجه هذه الرواية: أن سبيل تكبيرات العيد في الركعة الأولى أن تكون مضمومة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>