للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فبعد ذلك اختلفت الروايات عنه روى الفضل بن عاصم عنه: إذا بلغت قيمة الخارج فيه خمسة أوسق من أدنى الأشياء الخمسة الحنطة، والشعير، والذرة، والتمر، والزبيب يجب العشر، وما لا فلا، وروى ابن سماعة عنه: إذا بلغت قيمة الخارج فيه خمسة أوسق من أدنى ما يجب فيه العشر نحو الأرز، والعدس، والحمص، والمج يجب فيه العشر، وإلا فلا، وهو رواية ابن رستم عن محمد، وروى ابن سماعة عن محمد: أنه يعتبر خمسة أعداد على ما يقدر به ذلك الشيء، ففي القطن خمسة أحمال وفي العسل خمسة أفراق، والفرق ستون رطلاً بالعراقي، وفي الزعفران، والسكر، والفانيد خمسة أمنان، وهذا هو المشهور من قوله.

فأبو يوسف يقول: نصب النصاب بالرأي لا يكون ويكن فيما ورد عليه النص يعتبر المنصوص عليه، وفيما لا نص فيه تعتبر القيمة، ولا نص في هذه الأشياء، فتعتبر القيمة، بعد هذا قال: تعتبر قيمة الأدنى ولا تعتبر قيمة الأقصى نظراً للفقراء غير أن في إحدى الروايتين لم يعتبر الأدنى من جملة ما يوسق، وكأنه فعل ذلك نظراً لأرباب الأموال، لأنه كما يجب نظراً للفقراء، يجب نظراً لأرباب الأموال، فقد اعتبرنا نظراً للفقراء حتى لم نعتبر الأقصى، فيجب اعتبار نظر أرباب المال، وذلك في أن لا يعتبر الأدنى من جميع ما يوسق.

ومحمد يقول: إن القيمة ساقطة الاعتبار في هذا الباب بالإجماع، فإن الغير يجب باعتبار العين بالإجماع، والشرع اعتبر الوسق في الموسقات أقصى ما يقدر به المغاير، فإنه يقدر أولاً بالمد، ثم بالصاع، ثم بالوسق، فاعتبرنا في هذه الأشياء التي لا تدخل تحت الوسق أقصى ما يقدر به من المغاير، استدلالاً بالموسقات، وأقصى ما يقدر به السكر، والفانيد، والزعفران المنّ، وأقصى ما يقدر به العسل الفرق، وأقصى ما يقدر به القطن الحمل، فقدرناه بذلك. هذا إذا كان الخارج جنساً واحداً، وإن أخرجت الأرض أجناساً مختلفة كالحنطة، والشعير، والذرة، ولم يبلغ كل نوع منها خمسة أوسق، فعن أبي يوسف روايات:

أحدها: أنه لا يجب شيء حتى يبلغ كل نوع نصاباً؛ لأن العشر في ما يدخل تحت الوسق يجب باعتبار العين، والتكميل باعتبار العين متعذر لاختلاف العين كما في السوائم.

وفي رواية: كل نوعين لا يجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً دليل المجانسة، قال القدوري: وهو قول محمد.

وفي رواية أخرى قال: كل ما أدرك في وقت واحد ضم بعضه إلى بعض، وما لا يدرك في وقت واحد لا يضم.

قال في «المنتقى» : وبهذه الرواية كان يقول محمد رحمه الله أولاً، ثم رجع إلى الرواية الأولى.

وجه هذه الرواية أن الحق إنما يجب باعتبار المنفعة فما أدرك في وقت واحد،

<<  <  ج: ص:  >  >>