للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدّ ملء الفم ما لا يمكن ضبطه، وفي بعض المواضع ما لا يمكن ضبطه ألا يخرج، وعن الفقيه أبي جعفر الهندواني أنه قال: ملء الفم أن يعجزه عن الكلام، ومن المشايخ من اعتبر في هذا أن يبلغ نصف الفم.

وإذا استعط، أو أقطر في أذنه، إن كان شيئاً يتعلق به صلاح البدن، نحو الدهن والدواء يفسد صومه من غير كفارة، وإن كان شيئاً لا يتعلق به صلاح البدن كالماء قال مشايخنا: ينبغي أن لا يفسد صومه، إلا أن محمداً رحمه الله: لم يفصل بينما يتعلق به صلاح البدن، وبينما لا يتعلق.

ولو اغتسل، فدخل الماء في أذنه لا يفسد صومه، بلا خلاف، وفي الإقطار في الأذن لم يشترط محمد رحمه الله الوصول إلى الدماغ حتى قال مشياخنا: إذا غاب في أذنه كفى ذلك لوجوب القضاء، وبعضهم شرطوا الوصول إلى الدماغ.

وإذا حك أذنه، فأخرج العود، وعلى رأسه شيء من الدرن؛ ثم أدخله ثانياً مع ذلك الدرن، ثم أخرجه، وبقي الدرن ثم في الأذن لا يفسد صومه، وإذا أوجر فما دام في فمه لا يفسد صومه، وإذا أوصل إلى الجوف يفسد صومه، ولا تلزمه الكفارة في ظاهر الرواية من غير تفصيل بين حالة الاختيار، وبين حالة الاضطرار.

وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه فرق بينهما، وقال: أرأيت لو استلقى على قفاه، وقال: صبوا في حلقي ماء أكان لا تلزمه الكفارة؟

وعامة المشايخ في هذه المسألة على أنه إن فعل ذلك به باختياره، ولا عذر به تلزمه الكفارة، وإن فعل ذلك من غير اختياره، أو باختياره، لكن به عذر ألا تلزمه الكفارة.

وروى هشام عن أبي يوسف: أن عليه الكفارة في هذه المسائل، وإذا احتقن يفسد صومه، وإذا استنجى، وبالغ حتى وصل الماء إلى موضع الحقنة يفسد صومه، ومن غير كفارة، وإذا أقطر في إحليله لا يفسد صومه عند أبي حنيفة، ومحمد، خلافاً لأبي يوسف، وروى الحسن عن محمد: أنه توقف في هذه المسألة في آخر عمره.

قال الفقيه أبو بكر البلخي: إنما يفسد الصوم على قول أبي يوسف: إذا وصل إلى الجوف، أما إذا كان في القصبة بعد لا يفسد، وهكذا ذكر في «المنتقى» : وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: أن الصب في الإحليل بمنزلة الحقنة يفسد الصوم إذا أوصل في الجوف.

وتكلم المشايخ في الإقطار في قبل النساء، منهم من قال: هو على هذا الخلاف، ومنهم من قال: يفسد الصوم بلا خلاف كالحقنة، وهو الصحيح.

وفي الجائفة والآمة إذا داواهما بدواء يابس لا يفسد صومه، وإذا داواهما بدواء رطب يفسد صومه عند أبي حنيفة، خلافاً لهما، وأكثر المشايخ اعتبروا الوصول إلى الجوف في الجائفة والآمة إن عرف أن اليابس وصل إلى الجوف يفسد صومه بالاتفاق، وإن عرف أن الرطب لا يصل إلى الجوف لا يفسد صومه، كذا ذكر شمس الأئمة السرخسي رحمه الله،

<<  <  ج: ص:  >  >>