للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في «الأصل» : وكذا إذا ضرب بطن ظبية، وطرحت ظبياً ميتاً، ثم ماتت، فعليه جزاء، وهما جميعاً أخذ فيه بالثقة؛ لأن الضرب سبب صالح لموتهما، وقد ظهر عقيبه، فيحال به عليه، وإنما أراد بقوله: أخذ فيه بالثقة إشارة إلى الفرق بين هذا وبين الضمان الواجب حقاً للعباد، فإن من ضرب بطن امرأة، فألقت جنيناً ميتاً، وماتت كما وجب هناك ضمان الأم لا يجب ضمان الجنين، لأن الجنين في حكم جزء من أجزاء الأم من وجه، وفي حكم النفس من وجه، وجزء الصيد مبني على الاحتياط، فرجحنا جانب النفسية وأما..... الجنين احتياطاً، فأما الضمان الواجب لحق العباد فغير مبني على الاحتياط، فلم يترجح جانب النفسية في الجنين، فلم يوجب ضمانه.

وفي «الجامع الصغير» : إذا حلب لبن صيد يلزمه الجزاء قيمته؛ لأن اللبن سبب لتربية الصيد فيعطى حكم الصيد، وإذا شوى جرادة، فعليه الجزاء.

وفي «المنتقى» : عن أبي يوسف: إذا حلب عيراً من الظباء، فعليه ما نقص العير قيمته، وقد صح عن عمر رضي الله عنه أنه قال «ثمره خير أده» ، وإذا أدى قيمة البيضة والجراد ملكه إذ المضمون يملك عند أداء الضمان كما في ضمان الأموال، فلو أنه باع هذه الأشياء بعد ذلك جاز ولكن يكره، أما الجواز، فرق بين هذه الأشياء وبين الصيد إذا ذبحه المحرم وأدى قيمته، ثم باع اللحم حيث لا يجوز.

والفرق أن الصيد محل الذبح، وقد تعلق حله بذبح شرعي، ولم يوجد فصار ميتة وبيع الميتة لا يجوز، أما هذه الأشياء لم يتعلق حلها بذبح شرعي، فلا تصير ميتة، وقد ملكها بالجزاء فَثَمَّ رافع، وأما الكراهة، فلأنه لو أطلق في بيعها يتطرق الناس إلى مثله وذلك قبيح، ولا بأس للمشتري أن ينتفع به من حيث التناول، بخلاف البائع، فإنه لا يحل له؛ لأن الحل في حق البائع إنما لم يثبت لا لأنها ميتة بل لئلا يطرق الناس إلى مثله، وهذا المعنى لا يتأتى في حق المشتري، ولو كان القاتل للصيد قارناً، فعليه جزاءان؛ لأن القارن محرم بإحرامين، فبقتل الصيد يصير جانياً عليهما، فيلزمه جزاءان لهذا.

نوع آخرهو في معنى قتل الصيد، وهو الدلالة على الصيد

فنقول: كما يحرم على المحرم قتل الصيد يحرم عليه الدلالة على الصيد؛ لأن الدلالة تفويت للأمن عن الصيد؛ لأن الصيد يأمن عند القدرة و....... حتفه وعند العجز، والبوم باختفائه عن أعين الناس، وبالدلالة يزول الاختفاء، فيزول ما به الأمن، فصار الدلالة نظير الأخذ والقتل، وإذا ثبت أن الدلالة في معنى قتل يتعلق بها من الجزاء ما يتعلق بالقتل، ولأجل هذا المعنى يتعلق بها حرمة الصيد حتى حرم الصيد الذي دل المحرم عليه كما حرم الصيد الذي قتله المحرم، هكذا ذكر في «الأصل» ، وإليه أشار عليه السلام في «قصة أصحاب أبي قتادة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>