للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التثليث بقوله: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} أتبع ذلك بإبطال شبههم.

فالشبهة الأولى - تتعلق بالعلم:

وهو أن المسيح -عليه السلام- كان يخبر بالغيوب، قالوا: فوجب أن يكون إلها، فأجاب الله -تعالى- عنه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} .

وتقرير الجواب أنه لا يلزم من كونه عالما ببعض المغيبات أن يكون إلها، لأن ذلك إنما كان بوحي من الله إليه وإطلاعه على ذلك دلالة على نبوته، لكن عدم إحاطته ببعض المغيبات دليل قاطع على أنه ليس بإله، لأن الإله هو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء.

فإن الإله هو الذي يكون خالقا، والخالق لا بد أن يكون عالما بمخلوقه، وما ذاك إلا الله وحده، كما قال -تعالى-: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} .

ومن المعلوم -بالضرورة- أن عيسى ما كان عالما بجميع المعلومات والمغيبات، كيف والنصارى يزعمون أنه أظهر الجزع من الموت، فلو كان عالما بالغيب كله لعلم أن القوم يريدون أخذه وقتله، وأنه يتأذى بذلك، ويتألم، وكان يفر منهم قبل وصولهم، فلما لم يعلم هذا الغيب ظهر أنه ما كان عالما بجميع المعلومات والمغيبات.

<<  <  ج: ص:  >  >>