للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للمدينة وكلها تدين بالوثنية إلا أفراداً قلائل جدّاً دخلوا في الإسلام.

فهاتان مشكلتان تعيقان نشر الدعوة، ولا سيما مشكلة القبائل اليهودية التي عرف عنها المكر والخداع وقتل الأنبياء، بالإضافة إلى قوتها الاقتصادية والعسكرية، وتحالفاتها مع بعض القبائل العربية مما قد يسبب في حال مواجهتها عسكريّاً عدم تمكين الرسول صلى الله عليه وسلم من الاستمرار في نشر دعوته، فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن وضع التدابير الكفيلة لحماية الدعوة الإسلامية الناشئة.

وقد كان على النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل المدينة -مقر الدعوة الإسلامية- آمنة، حتى يتفرغ لقريش أعتى قبائل العرب في زمانها، والتي تعد الحاجز الأقوى في وجه الدعوة الإسلامية، فبدأ صلى الله عليه وسلم بموادعة القبائل المجاورة للمدينة والتي كان معظمها يدين بالشرك وهواها مع قريش، إلا أنه صلى الله عليه وسلم قطع الطريق بينها وبين قريش عن طريق الموادعة التي تمت مع بعض القبائل وبخاصة القبائل الواقعة على الطريق التجاري لقريش المؤدية إلى الشام.

وقد تمت هذه المعاهدات بطرق عدة، لكن لا نجد تفصيلاً لبعض هذه المعاهدات، ولا سيما القديمة منها إلا ما جاء ذكره في سرية حمزة رضي الله عنه التي أرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم في رمضان من السنة الأولى إلى سيف البحر في ثلاثين راكباً ليعترضوا عيراً لقريش، لكن حجز بين الفريقين مجدي بن عمرو الجهني، وكان حليفاً للفريقين (١) .

فهذا يدل على أنّ هذا الحلف قد تمّ في فترة مبكرة، قبل خروج حمزة رضي الله عنه،


(١) انظر: السيرة النبوية لابن إسحاق (ابن هشام) (١/٥٩٥) ، بدون إسناد، وابن سعد في الطبقات الكبرى (٢/٦) بدون إسناد أيضاً.

<<  <   >  >>