للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ أَبُو الحَسَنِ العَتِيْقِيُّ: حضَرتُ أَبَا الحَسَنِ، وَجَاءهُ أَبُو الحُسَيْنِ البَيْضَاوِيُّ بِغريبٍ لِيَقْرَأَ لَهُ شَيْئاً، فَامْتَنَعَ، وَاعتلَّ ببعضِ العِلَلِ، فَقَالَ: هَذَا غريبٌ.

وَسَأَلَهُ أَنْ يُمْلِيَ عَلَيْهِ أَحَادِيثَ، فَأَمْلَى عَلَيْهِ أَبُو الحَسَنِ مِنْ حِفْظِهِ مَجْلِساً تزيدُ أَحَادِيثُهُ عَلَى العِشْرِيْنَ، مَتْنُ جَمِيعِهَا: نِعمَ الشَّيْءُ الهديَّةُ أَمَامَ الحَاجَةِ (١) .

قَالَ: فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ، ثُمَّ جَاءهُ بَعْدُ، وَقَدْ أَهْدَى لَهُ شَيْئاً، فَقرَّبَهُ وَأَمْلَى عَلَيْهِ مِنْ حِفْظِهِ سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، مُتُوْنُ جَمِيعِهَا: (إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيْمُ قَوْمٍ، فَأَكْرِمُوهُ (٢)) .

قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ صَحِيحَةٌ، رَوَاهَا الخَطِيْبُ عَنِ العَتِيْقِيِّ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى سَعَةِ حِفظِ هَذَا الإِمَامِ، وَعَلَى أَنَّهُ لَوَّحَ بطلبِ شَيْءٍ، وَهَذَا مَذْهَبٌ لِبَعضِ العُلَمَاءِ، وَلَعَلَّ الدَّارَقُطْنِيَّ كَانَ إِذْ ذَاكَ مُحْتَاجاً، وَكَانَ يَقبلُ جَوَائِزَ دَعْلَجٍ السِّجْزِيِّ وَطَائِفَةٍ، وَكَذَا وَصلَهُ الوَزِيْرُ ابْنُ حِنْزَابَةَ بِجُملَةٍ مِنَ الذَّهَبِ لِمَا خَرَّجَ لَهُ (المُسْنَدَ) .


(١) أخرجه الطبراني: ١ / ٢٩٤ / ١ من طريق يحيى بن سعيد العطار، عن يحيى بن العلاء، عن طلحة بن عبيد، عن الحسين بن علي..ويحيى بن سعيد قال ابن حبان فيه: يروي الموضوعات عن الاثبات، لا يجوز الاحتجاج به.
وشيخه فيه يحيى بن العلاء كذاب يضح الحديث.
وأخرجه أبو نعيم في " أخبار أصبهان ": ٢ / ٧٥، والخطيب: ٨ / ١٦٦ من حديث عائشة، وفي سنده عند الأول عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد، قال ابن معين: كان يكذب، وقال ابن المديني: ضعيف جدا، وقال البخاري: تركوه، وقال النسائي والدارقطني: متروك، وفي سنده عند الثاني عمرو بن خالد الأعمش، وهو كذاب وصفه بذلك غير واحد من الأئمة، فالخبر باطل.
(٢) حديث حسن، رواه ابن ماجه من حديث ابن عمر، ورواه البزار وابن خزيمة والطبراني وابن عدي والبيهقي عن جرير، ورواه البزار عن أبي هريرة.
ورواه ابن عدي عن معاذ وأبي قتادة، ورواه الحاكم عن جابر، ورواه الطبراني عن ابن عباس وعن عبد الله بن حمزة، ورواه ابن عساكر عن أنس وعدي بن حاتم، ورواه الدولابي في " الكني " وابن عساكر عن أبي راشد عبد الرحمن بن عبد.
انظر " الجامع الصغير " مع شرحه: ١ / ٢٤١، ٢٤٢ والمقاصد الحسنة ص ٣٢.