للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبِيكَ، وَلاَ بأَفضلَ، أَتَدْرِي مَا أَقعدَهُ خَلْفَ النَّاسِ؟ شَيْل أَنْفِهِ (١) بِأَبِيهِ، فَلاَ تَشِلْ - يَا أَبَا العَبَّاسِ - أَنْفَكَ بِأَبِيكَ.

تَدْرِي مَا الإِقبالُ؟ نشَاطٌ وَتواضعٌ، وَالإِدْبارُ كسلٌ وَترفُّعٌ (٢) .

قِيْلَ: كَانَ ابْنُ حِنْزَابَةَ مُتَعَبِّداً، ثُمَّ يفطرُ ثُمَّ ينَامُ، ثُمَّ ينهضُ فِي اللَّيْلِ، وَيدخلُ بَيْتَ مُصَلاَّهُ فيصفُّ قَدَمَيْهِ إِلَى الفَجْرِ.

قَالَ المُسَبِّحِيُّ: لمَا غُسّلَ ابْنُ حِنْزَابَةَ جُعلَ فِيْهِ ثَلاَثُ شعرَاتٍ مِنْ شعرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَخَذَهَا بِمَالٍ عظيمٍ (٣) .

وَحِنْزَابَةُ (٤) :جَارِيَةٌ هِيَ وَالِدَةُ الفَضْلِ الوَزِيْرِ، وَفِي اللُّغَةِ: الحِنْزَابَةُ: هِيَ القَصِيْرَةُ السَّمِيْنَةُ.

قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: رَأَيْتُ عِنْدَ الحبَّالِ كَثِيْراً مِنَ الأَجزَاءِ الَّتِي خرِّجَتْ لابنِ حِنْزَابَةَ، وَفِي بَعْضِهَا الجزءُ الموفِي أَلْفاً مِنْ مُسْنَدِ كَذَا، وَالجزءُ الموفِي خَمْسَ مائَةٍ مِنْ مُسْنَدِ كَذَا، وَكَذَا سَائِرُ المسندَاتِ.

وَلَمْ يَزَلْ يُنفقُ فِي البِرِّ وَالمَعْرُوفِ الأَمْوَالَ، وَأَنفقَ كَثِيْراً عَلَى أَهْلِ الحَرَمَيْنِ إِلَى أَن اشْتَرَى دَاراً أَقربَ شَيْءٍ إِلَى الحُجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ، وَأَوْصَى أَنْ يُدفنَ فِيْهَا، وَأَرضَى الأَشرَافَ بِالذَّهَبِ.

فَلَمَّا حُمِلَ تَابوتُهُ مِنْ مِصْرَ تلقَّوْهُ وَدُفِنَ فِي تِلْكَ الدَّارِ (٥) .

تُوُفِّيَ: فِي ثَالثَ عشرَ رَبِيْعٍ الأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.


(١) كناية عن تكبره وتعاظمه.
(٢) الخبر بنحوه في " معجم الأدباء ": ٧ / ١٧٣ - ١٧٤.
(٣) الخبر في " فوات الوفيات ": ١ / ٢٩٣.
(٤) انظر ضبط هذه اللفظة وأصل التسمية في " وفيات الأعيان ": ١ / ٣٤٩، و" معجم الأدباء " ٧ / ١٦٤.
(٥) " معجم الأدباء ": ٧ / ١٦٩ - ١٧٠، وانظر حول مكان دفنه ما كتبه ابن خلكان: ١ / ٣٤٩ - ٣٥٠.