للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقفتُ، فيدفعُوْنَ إِلَيَّ كسرَةً فَأَقْتَنِعُ بِهَا، وَوجدتُ مَعَ رَجُلٍ عَبَاءةً، فَقُلْتُ: هَبْهَا لِي أَسْتَتِرُ بِهَا، فَأَعْطَانِيْهَا وَأَحرمتُ فِيْهِ، وَرجعتُ.

وَكَانَ الخَلِيْفَةُ قَدْ حرَّمَ جَارِيَةً وَأَرَادَ إِخْرَاجَهَا مِنَ الدَّارِ.

قَالَ السُّنِّيُّ: فَقَالَ الخَلِيْفَةُ: اطلبُوا رَجُلاً مستوراً يصلحُ أَنْ تُزَوَّجَ هَذِهِ الجَارِيَةُ بِهِ، فَقِيْلَ: قَدْ جَاءَ ابْنُ سَمْعُوْنَ، فَاسْتصوبَ الخَلِيْفَةُ ذَلِكَ، وَزَوَّجَهُ بِهَا.

فَكَانَ يَعِظُ وَيَقُوْلُ: خَرَجْتُ حَاجّاً، وَيشرحُ حَالَهُ وَيَقُوْلُ: هَا أَنَا اليَوْمَ عليَّ مِنَ الثِّيَابِ مَا تَرَوْنَ (١) !!

قُلْتُ: كَانَ فَاخِرَ الملبوسِ.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ البَرْقَانِيُّ: قُلْتُ لَهُ يَوْماً: تَدْعُو النَّاسَ إِلَى الزُّهْدِ، وَتلبسُ أَحسنَ الثِّيَابِ، وَتَأْكلُ أَطْيَبَ الطَّعَامِ، كَيْفَ هَذَا؟ فَقَالَ: كُلُّ مَا يُصلحُكَ للهِ فَافْعَلْهُ إِذَا صلحَ حَالُكَ مَعَ اللهِ - تَعَالَى (٢) -.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الخَلاَّلُ: قَالَ لِي ابْنُ سَمْعُوْنَ: مَا اسْمُكَ؟ قُلْتُ: حَسَنٌ.

قَالَ: قَدْ أَعطَاكَ اللهُ الاسْمَ، فَسَلْهُ المَعْنَى (٣) .

قَالَ أَبُو النَّجِيْبِ الأُرْمَوِيُّ: سَأَلتُ أَبَا ذَرٍّ عَنِ ابْنِ سَمْعُوْنَ هَل اتَّهَمتَهُ؟ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّهُ رَوَى جُزْءاً عَنِ ابْنِ أَبِي دَاوُدَ، عَلَيْهِ: وَأَبُو الحُسَيْنِ بنُ سَمْعُوْنَ، وَكَانَ رَجُلاً سِوَاهُ، لأَنَّهُ كَانَ صَبِيّاً، مَا كَانُوا يُكنُّونَهُ فِي ذَلِكَ الوَقْتِ.

وَسمَاعُهُ مِنْ غَيْرِهِ صَحِيْحٌ.

وَكَانَ القَاضِي أَبُو بَكْرٍ الأَشْعَرِيُّ، وَأَبُو حَامِدٍ يُقَبِّلاَنِ يَدَهُ، وَكَانَ القَاضِي يَقُوْلُ: رُبَّمَا خَفِيَ عليَّ مِنْ كلاَمِهِ بَعْضُ الشَّيْءِ لِدِقَّتِهِ (٤) .

السُّلَمِيُّ: سَمِعْتُ ابنَ سَمْعُوْنَ، يَقُوْلُ فِي {وَوَاعَدْنَا مُوْسَى ثَلاَثِيْنَ لَيْلَةً}


(١) الخبر مطولا في " تبيين كذب المفتري ": ٢٠٢ - ٢٠٣، وما بين حاصرتين منه.
(٢) " تاريخ بغداد ": ١ / ٢٧٥.
(٣) المصدر السابق.
(٤) انظر " تبيين كذب المفتري ": ص ٢٠١.