للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَامتدت دَوْلَتُه، ثُمَّ حَاصره السُّلْطَان مَحْمُوْدُ بنُ سُبُكْتِكِيْن فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، وآذَاهُ، وَضَيَّقَ عَلَيْهِ، فَنَزَلَ بِالأَمَان إِلَيْهِ، فَبعثَه مُكرماً فِي هَيْئَة جَيِّدَة إِلَى الجُوزجَانِ، ثُمَّ بَعْد أَرْبَع سِنِيْنَ وُصف للسُلْطَان أَنَّهُ يُكَاتِب سُلْطَانَ مَا وَرَاء النَّهر أَيلكَ خَانَ، فَضَيَّقَ عَلَيْهِ (١) .

وَكَانَ فِي أَيَّامه مَلِكاً جَوَاداً مَغْشِيَّ الجنَاب، مُفضِلاً مُحسِناً مُمَدَّحاً، جَمعَ عِدَّةً مِنَ الأَئِمَّة عَلَى تَأْلِيْف تَفْسِيْرٍ عَظِيْمٍ حَاوٍ لأَقوَالِ المُفَسِّرين وَالقُرَّاء وَالنُّحَاة وَالمُحَدِّثِيْنَ.

فَقَالَ أَبُو النَّضْر فِي كِتَاب (اليَمِينِيِّ) :بَلَغَنِي أَنَّهُ أَنفقَ عَلَيْهِم فِي أَسبوعٍ عِشْرِيْنَ أَلْف دِيْنَار.

قَالَ: وَالنُّسْخَةُ بِهِ بِنَيْسَابُوْرَ تَسْتغرِقُ عُمُر النَّاسخِ.

أَخْبَرَنِي أَبُو الفَتْحِ البُسْتِيُّ، قَالَ: عَملتُ فِي المَلِك خَلَف ثَلاَثَةَ أَبيَاتٍ، لَمْ أُبلغْهَا إِيَّاهُ لَكِنَّهَا اشْتَهَرَتْ، فَلَمْ أَشعر إِلاَّ بِثَلاَث مائَة دِيْنَارٍ بعثَهَا إِليَّ، وَهِيَ هَذِهِ:

خَلَفُ بنُ أَحْمَدَ أَحْمَدُ الأَخْلاَفِ ... أَرْبَى بِسُؤْدُدِهِ عَلَى الأَسْلاَفِ خَلَفُ بنُ أَحْمَدَ فِي الحَقِيْقَةِ وَاحِدٌ ... لَكِنَّهُ مُرْبٍ عَلَى الآلاَفِ

أَضْحَى لآلِ اللَّيْثِ أَعْلاَمِ الوَرَى ... مِثْلَ النَّبِيِّ لآلِ عَبْدِ مَنَافِ (٢)

وَقَدِ امتَدَحَه البَدِيْعُ الهَمَذَانِيُّ وَغَيْرهُ، وَفِيْهِ يَقُوْلُ الثَّعَالِبِيُّ:

مَنْ ذَا الَّذِي لاَ يُذِلُّ الدَّهْرُ صَعْبَتَهُ ... وَلاَ تُلِينُ لَهُ الأَيَّامُ صَعْدَتَهُ

أَمَا تَرَى خَلَفاً شَيْخَ المُلُوكِ غَدَا ... مَمْلُوْكَ مَنْ فَتَحَ العَذْرَاء بَلْدَتَهُ؟ (٣)


(١) انظر " الكامل " ٩ / ١٧٢، ١٧٣، و" تاريخ الإسلام " ٤ / ١١١ / ١.
(٢) " تاريخ الإسلام " ٤ / ١١١ / ١.
(٣) " تاريخ الإسلام " ٤ / ١١١ / ١ و٢.
وانظر مديح بديع الزمان للملك خلف في " يتيمة الدهر " ٤ / ٢٦١ و٢٧٩ و٣٠٠.