للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جُزْءاً، وَحَدِيْثُ الطَّير بِالنِّسبَة إِلَيْهَا سمَاءٌ، وَبِكُلِّ حَالٍ فَهُوَ كِتَابٌ مُفِيْدٌ قَدِ اختصرتُهُ، وَيعوزُ عَمَلاً وَتحريراً (١) .

قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: قَدْ سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ بنَ السَّمَرْقَنْدِيّ يَقُوْلُ:

بَلَغَنِي أَنَّ (مُستدرك) الحَاكِم ذُكر بَيْنَ يدِي الدَّارَقُطْنِيّ، فَقَالَ:

نَعَمْ، يَسْتَدركُ عَلَيْهِمَا حَدِيْثَ الطَّير!

فَبَلَغَ ذَلِكَ الحَاكِمَ، فَأَخْرَجَ الحَدِيْثَ مِنَ الكِتَاب (٢) .

قُلْتُ: هَذِهِ حِكَايَةٌ مُنْقَطِعَةٌ، بَلْ لَمْ تَقَعْ فَإِنَّ الحَاكِم إِنَّمَا أَلَّف (المُستخرج) فِي أَوَاخِرِ عُمُره، بَعْد مَوْتِ الدَّارَقُطْنِيّ بِمُدَّة، وَحَدِيْثُ الطَّير فَفِي الكِتَاب لَمْ يُحوَّل مِنْهُ، بَلْ هُوَ أَيْضاً فِي (جَامع) التِّرْمِذِيّ.

قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ: وَرَأَيْتُ أَنَا حَدِيْثَ الطَّير جَمْعَ الحَاكِم بخطِّه فِي جُزء ضَخْم، فكتبتُه للتعجُّب (٣) .

قَالَ الحَاكِمُ فِي (تَارِيْخِهِ) :ذكرنَا يَوْماً مَا رَوَى سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ عَنْ أَنَس، فمررتُ أَنَا فِي التَّرْجَمَة، وَكَانَ بحضرَةِ أَبِي عليٍّ الحَافِظ وَجَمَاعَةٍ مِنَ المَشَايِخ، إِلَى أَنْ ذكرتُ حَدِيْثَ (لاَ يَزْنِي الزَّانِي حِيْنَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ) .فَحْمل بَعْضُهُم عليَّ.

فَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ: لاَ تَفْعل، فَمَا رَأَيْتَ أَنْتَ وَلاَ نَحْنُ فِي سِنِّه مثلَه، وَأَنَا أَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُهُ رَأَيْتُ أَلفَ


(١) وهذا يدلك أيضا على أن الذهبي رحمه الله لم يعتن بالمختصر اعتناء تاما، بحيث لم يتتبع الأحاديث تتبعا دقيقا، وإنما تكلم فيه بحسب ما تيسر له، ولذا فقد فاته أن يتكلم على عدد غير قليل من الأحاديث صححها الحاكم وهي غير صحيحة، أو ذكر أنها على شرط الشيخين أو على شرط أحدهما وهي ليست كذلك، كما يتحقق ذلك من له خبرة بأسانيد الحاكم، وممارسة لها، ونظر فيها.
(٢) انظر " طبقات " السبكي ٤ / ١٦٣.
(٣) " طبقات " السبكي ٤ / ١٦٥.