للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَوَى نَفْسِهِ يُعْمِيهِ عَنْ قُبْحِ عَيْبِهِ ... وَيَنْظُرُ، عَنْ حِذْقٍ عُيُوبَ سِوَاهُ

وَقَدْ وَصل القَاضِي ابْنُ خَلِّكَان (١) نسب الوَزِيْر ببَهْرَام جُور، وَقَالَ لَهُ: دِيْوَانُ شِعْر، وَ (مُخْتَصر إِصْلاَح الْمنطق) ، وَكِتَاب (الإِينَاس) ، وُلِدَ سَنَةَ سَبْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ، وَحَفِظَ كتباً فِي اللُّغَة وَالنَّحْو، وَتَحَفَّظَ مِنَ الشِّعْر نَحْو خَمْسَةَ عَشَرَ أَلف بَيْت، وَبَرَعَ فِي الحسَاب، وَلَهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَهُوَ القَائِلُ:

أَرَى النَّاسَ فِي الدُّنْيَا كَرَاعٍ تَنَكَّرتْ ... مَرَاعِيهِ حَتَّى لَيْسَ فِيْهِنَّ مَرْتَعُ فَمَاءٌ بِلاَ مَرْعَىً وَمَرْعَىً بِغَيْرِ مَا ... وَحَيْثُ يُرَى مَاءٌ وَمَرْعَىً فَمَسْبَعُ (٢)

وَكَانَ مِنْ دُهَاةِ العَالَم، هَرَبَ مِنَ الحَاكِمِ، فَأَفْسَدَ نيَّاتِ صَاحِبِ الرَّمْلَة (٣) أَقَاربه، وَسَارَ إِلَى الحِجَازِ، فَطَمَّعَ صَاحِبَ مَكَّة فِي الخِلاَفَة، وَأَخْذِ مِصْر، فَانزعج الحَاكِمُ، وَقَلِقَ.

وَهُوَ القَائِلُ وَكَتَبَ إِلَى الحَاكِم:

وَأَنْتَ وَحَسْبِي أَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ لِي ... لِسَاناً أَمَامَ المَجْدِ يَبْنِي وَيَهْدِمُ

وَلَيْسَ حَلِيْماً مَنْ تُقَبَّلُ كَفُّهُ ... فَيْرْضَى وَلَكِنْ مَنْ تُعَضُّ فَيَحْلُمُ (٤)

قَالَ: وَمَاتَ بَمَيَّافَارِقِيْن سَنَة ثَمَان عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، فَحُمِلَ تَابُوْتُهُ إِلَى الكُوْفَةِ بِوَصِيَّةٍ مِنْهُ، فَدُفِنَ بقُرْبِ المَشْهَد (٥) .

وَكَانَ شِيْعِيّاً.


(١) في " وفيات الأعيان " ٢ / ١٧٢، ١٧٣.
(٢) البيتان في " وفيات الأعيان " ٢ / ١٧٣، و" معجم الأدباء " ١٠ / ٨٧، والمسبع: الأرض تكثر فيها السباع.
(٣) يعني حسان بن مفرج بن دغفل الجراحي.
(٤) لم يرد هذان البيتان في المطبوع من " وفيات الأعيان " ولا في المصادر المذكورة التي ترجمت لأبي القاسم المغربي.
(٥) انظر " وفيات الأعيان " ٢ / ١٧٦.