للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثَلاَث وَأَرْبَع مائَة.

وَجُعِلَ بَيْنَ المَمَالِيْك الحُجَريَّة (١) ، فَقهرهُم وَاسْتطَال، فَضَرَبَهُ وَاليهُم، ثُمَّ لزم الخِدْمَةَ، وَتودَّدَ إِلَى الأُمَرَاء، فَارتضَاهُ الحَاكِمُ، وَأُعْجِبَ بِهِ، فَأَمَّرَهُ وَبَعَثَهُ إِلَى دِمَشْق سَنَة سِتٍّ، فتلقَّاهُ تِزْبر، فتَأَدَّبَ وَتَرَجَّل لمَوْلاَهُ، ثُمَّ أُعِيْدَ إِلَى مِصْرَ، وَجُرِّدَ إِلَى الرِّيْف، ثُمَّ بُعِثَ وَالِياً عَلَى بَعْلَبَك وَحَسُنَتْ سِيْرَتُهُ، ثُمَّ نُقِلَ إِلَى قَيْسَارِيَّة، وَاتَّفَقَ قتلُ مُتَوَلِّي حلب فَاتِك؛ قتلَه غُلاَمه، ثُمَّ وَلِي فِلَسْطِيْنَ، فَخَافَهُ مَلِكُ العَرَب حَسَّانُ بنُ مُفَرِّج الطَّائِيُّ، وَقلق، وَجرتْ لأَمِيْرِ الجُيُوش هَذَا وَقَائِع، وَدَوَّخ العَرَبَ، فَخبُثَ حَسَّانُ، وَكَاتبَ فِيْهِ وَزِيْرَ مِصْر الحَسَنَ بنَ صَالِح، فَأَمسكه بحيلَةٍ دُبِّرَتْ لَهُ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَأَرْبَع مائَة، فشَفعَ فِيْهِ سَعِيْدُ السُّعَدَاء، فَأُطْلِقَ لَهُ، ثُمَّ ترقَّى، وَكَثُرت غِلْمَانُهُ وَأَمْوَالُهُ.

وَأَمَّا الشَّامُ، فَعَاثت العَرَبُ فِيْهَا، وَأَفْسَدَتْ، وَوزرَ نَجِيْبُ الدَّوْلَة الجَرْجَرَائِيّ، فَقَدَّم نوشتكين عَلَى العَسَاكِر سَبْعَة آلاَف، فَقصد حَسَّانَ وَصَالِح بنَ مِرْدَاس، فَكَانَتِ المَصَافُّ عَلَى الأُقْحُوَانَة، فَهَزَم العَرَبَ، وَقُتِلَ صَالِح (٢) ، فَبُعثَت الخِلَعُ إِلَى نوشتكين، ثُمَّ نَازل حلبَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى دِمَشْق، وَنَزَلَ بِالقصرِ، ثُمَّ ردّ إِلَى حلب وَدخلَهَا، فَأَحسن إِلَى الرَّعِيَّة، وَعدل، ثُمَّ تغيَّر، وَشرب الخَمْرَ، فَجَاءَ كِتَابٌ بذَمِّه وَتهديده، فَقَلِقَ وَتَنَصَّلَ، وَكَتَبَ: مِنْ عَبْدِ الدَّوْلَة العَلَوِيَّة، وَالإِمَامِيَّة الفَاطمِيَة مُتَبرِّئاً مِنْ ذُنُوبه


(١) المماليك الحجرية، ويقال لهم أيضا صبيان الحجر (جمع حجرة) قال ابن خلكان: ومعناه عندهم، أن يكون لكل واحد منهم فرس وسلاح، فإذا قيل له عن شغل، ما يحتاج أن يتوقف فيه، وذلك على مثال الداوية والاسبتار (منظمتان للصليبيين) .
فإذا تميز صبي من هؤلاء بعقل وشجاعة، قدم للامرة.
انظر " وفيات الأعيان " ٣ / ٤١٨، و" تكملة المعاجم العربية " لدوزي، الجزء الثالث (النسخة العربية) .
(٢) انظر وفيات الأعيان ٢ / ٤٨٧، و" الكامل " ٥ / ٣٦٩، و" النجوم الزاهرة " ٤ / ٢٥٢، ٢٥٣.