للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنِ الفَرَّاء، وَأَبُو سَعْدٍ أَحْمَد بن مُحَمَّدٍ الزَّوزنِي.

وَحَدَّثَ عَنْهُ مِنَ القُدَمَاءِ المُقْرِئ أَبُو عَلِيٍّ الأَهْوَازِيّ.

أَفتَى وَدرَّس، وَتَخرَّج بِهِ الأَصْحَاب، وَانتهتْ إِلَيْهِ الإِمَامَةُ فِي الفِقْهِ، وَكَانَ عَالِمَ العِرَاق فِي زَمَانِهِ، مَعَ مَعْرِفَةٍ بعلُوْمِ القُرْآن وَتَفْسِيْرِهِ، وَالنَّظَرِ وَالأُصُوْل، وَكَانَ أَبُوْهُ مِنْ أَعْيَانِ الحَنَفِيَّة، وَمِنْ شُهُوْد الحَضْرَة، فَمَاتَ وَلأَبِي يَعْلَى عَشْرَةُ أَعْوَام، فَلَقَّنَهُ مُقْرِئُهُ العِبَادَات مِنْ (مُخْتَصَر) الخِرَقِي، فَلَذَّ لَهُ الفِقْهُ، وَتَحَوَّل إِلَى حَلْقَة أَبِي عَبْدِ اللهِ بنِ حَامِد (١) ، شَيْخ الحنَابلَة، فَصحبه أَعْوَاماً، وَبَرَعَ فِي الفِقْهِ عِنْدَهُ، وَتَصدَّر بِأَمره لِلإِفَادَة سَنَة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِ مائَة، وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ مِنْ عَلِيِّ بنِ مَعْرُوف فِي سَنَةِ (٣٨٥) .

وَقَدْ سَمِعَ بِمَكَّةَ وَدِمَشْقَ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي نَصْرٍ، وَبحلبَ، وَجَمَعَ كِتَاب (إِبطَال تَأْويل الصِّفَات) فَقَامُوا عَلَيْهِ لمَا فِيْهِ مِنَ الوَاهِي وَالمَوْضُوْع، فَخُرِجَ إِلَى العُلَمَاء مِنَ القَادِر بِاللهِ المُعْتَقِدُ الَّذِي جَمَعه، وَحُمِلَ إِلَى القَادِر كِتَابُ (إِبطَال التَّأْوِيْل) فَأَعْجَبه، وَجَرَتْ أُمُوْرٌ وَفتن - نَسْأَلُ اللهَ العَافِيَة - ثُمَّ أَصلحَ بَيْنَ الفَرِيْقَيْنِ الوَزِيْرُ عَلِيُّ بنُ المُسْلِمَة، وَقَالَ فِي الملأَ: القُرْآن كَلاَمُ الله، وَأَخْبَارُ الصِّفَات تُمَرُّ كَمَا جَاءتْ (٢) .

ثُمَّ وَلِي أَبُو يَعْلَى القَضَاءَ بِدَارِ الخِلاَفَة وَالحَرِيْم، مَعَ قَضَاء حَرَّان (٣) وَحُلْوَان (٤) ، وَقَدْ تَلاَ بِالقِرَاءاتِ الْعشْر، وَكَانَ ذَا عِبَادَة وَتَهَجُّدٍ، وَمُلاَزِمَةٍ


(١) هو أبو عبد الله الحسن بن حامد البغدادي الوراق الحنبلي، المتوفى سنة (٤٠٣) هـ.
وقد مرت ترجمته في الجزء السابع عشر من هذا الكتاب برقم (١١٦) .
(٢) انظر " طبقات الحنابلة " ٢ / ١٩٧ - ١٩٨.
(٣) هي قصبة ديار مضر، بينها وبين الرها يوم، وبين الرقة يومان، وهي على طريق الموصل والشام والروم " معجم البلدان ".
(٤) هي حلوان العراق، وهي في آخر حدود السواد مما يلي الجبال من بغداد " معجم " ياقوت.
وانظر الخبر بأطول مما هنا في " طبقات الحنابلة " ٢ / ١٩٩.