للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِخَطِّهِ، مَا اجْتَمَع فِي أَحَدٍ مَا اجْتَمَع فِيْهِ، قضَى سِتّاً وَخَمْسِيْنَ سَنَةً، وَخَطَبَ ستاً وَسَبْعِيْنَ سَنَةً لَمْ تُعرف لَهُ زَلَّة، وَكَانَتْ تِلاَوَتُهُ أَحْسَن شَيْء.

قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ الخَاضبَة: رَأَيْتُ كَأنَّ القِيَامَةَ قَدْ قَامت، وَكَانَ مَنْ يَقُوْلُ: أَيْنَ ابْن الخَاضبَة؟ فَقِيْلَ لِي: ادْخُلِ الجَنَّة، فَلَمَّا دَخَلتُ اسْتلقيتُ عَلَى قفَاي، وَوضعت إِحْدَى رِجْلَيَّ عَلَى الأُخْرَى، وَقُلْتُ: آهُ! اسْترحتُ وَاللهِ مِنَ النّسخ.

فَرفعتُ رَأْسِي، فَإِذَا بِبَغْلَة مُسرَجَة مُلْجَمَة فِي يَد غُلاَم، فَقُلْتُ: لِمَنْ هَذِهِ؟

فَقَالَ: لِلشَرِيْف أَبِي الحُسَيْنِ بنِ الغرِيق.

فَلَمَّا كَانَ فِي صَبِيْحَةِ تِلْكَ اللَّيْلَة نُعِيَ إِلَيْنَا أَبُو الحُسَيْنِ - رَحِمَهُ اللهُ - (١) .

وَقَالَ الزَّاهِدُ يُوْسُفُ الهَمَذَانِيّ: انْطرش أَبُو الحُسَيْنِ، فَكَانَ يَقرَأُ عَلَيْنَا، وَكَانَ دَائِمَ العِبَادَة، قرَأَ عَلَيْنَا حَدِيْث المَلَكَيْنِ (٢) ، فَبَكَى بُكَاء عَظِيْماً، وَأَبَكَى الحَاضِرِيْنَ.

قَالَ ابْنُ خَيْرُوْنَ: مَاتَ فِي أَوّلِ ذِي الحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّيْنَ وَأَرْبَعِ مائَة.

وَفِيْهَا مَاتَ: السُّلْطَانُ عَضدُ الدَّوْلَة أَبُو شُجَاعٍ آرسلاَن (٣) بن جَغْرِيبَك، وَاسم جَغْرِيبَك: دَاوُد (٤) بن مِيكَال بن سَلْجُوْق بن تُقَاق بن سَلْجُوْق التركِيّ الْملك العَادل، وَجدُّهم تُقَاق تَفْسِيْره: قَوس حَدِيد، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِن


(١) الخبر في " المنتظم " ٨ / ٢٨٣، و" الوافي " ٢ / ٩٠ في ترجمة ابن الخاضبة وستأتي ترجمته في " السير " في الجزء التاسع عشر برقم (٦١) .
(٢) ينتظر في هذا حديث البراء بن عازب الطويل المخرج في " المسند " ٤ / ٢٨٧ و٢٨٨ و٢٩٥ و٢٩٦، وأبي داود (٣٢١٢) والطيالسي (٧٥٣) ، وصححه الحاكم ١ / ٣٧ - ٤٠،
وأقره الذهبي، وصححه غير واحد من الأئمة، وهو كما قالوا، وحديث أنس في البخاري (١٣٧٤) ومسلم (٢٨٧٠) .
(٣) سترد ترجمته برقم (٢١٠) .
(٤) وقد تقدمت ترجمته في هذا الجزء برقم (٥١) .