للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالَ الكَتَّانِي فِي (الوفِيَات) :وَرد كِتَابُ جَمَاعَة أَنَّ الحَافِظ أَبَا بَكْرٍ تُوُفِّيَ فِي سَابع ذِي الحِجَّةِ، وَحَمَلَ جِنَازَته الإِمَامُ أَبُو إِسْحَاقَ الشيرَازِي (١) .

وَكَانَ ثِقَةً حَافِظاً، مُتْقِناً متحرِياً مُصَنّفاً.

قَالَ أَبُو البَرَكَات إِسْمَاعِيْل ابْنُ أَبِي سَعْدٍ الصُّوْفِيّ: كَانَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ ابْن زَهْرَاء الصُّوْفِيّ بِرباطِنَا، قَدْ أَعدَّ لِنَفْسِهِ قَبْراً إِلَى جَانب قَبْر بشر الحَافِي، وَكَانَ يَمضِي إِلَيْهِ كُلّ أُسْبُوْع مرَّةً، وَيَنَامُ فِيْهِ، وَيَتلو فِيْهِ القُرْآن كُلَّهُ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، كَانَ قَدْ أَوْصَى أَنْ يُدفن إِلَى جَنْبِ قَبْر بشر، فَجَاءَ أَصْحَاب الحَدِيْث إِلَى ابْنِ زَهْرَاء، وَسَأَلُوْهُ أَنْ يَدفنُوا الخَطِيْب فِي قَبْره، وَأَنَّ يُؤثره بِهِ، فَامْتَنَعَ، وَقَالَ: مَوْضِعٌ قَدْ أَعددتُه لِنَفْسِي يُؤْخَذ مِنِّي!

فَجَاؤُوا إِلَى وَالِدي (٢) ، وَذكرُوا لَهُ ذَلِكَ، فَأَحضر ابْنَ زَهْرَاء وَهُوَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بنُ عَلِيٍّ الطُّرَيْثِيْثِيّ (٣) فَقَالَ: أَنَا لاَ أَقُوْل لَكَ أَعْطهم القَبْر، وَلَكِنْ أَقُوْل لَكَ: لَوْ أَنَّ بشراً الحَافِي فِي الأَحْيَاء وَأَنْتَ إِلَى جَانبه، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ ليقْعد دُونك، أَكَانَ يَحسُن بِك أَنْ تَقعدَ أَعْلَى مِنْهُ (٤) ؟

قَالَ: لاَ، بَلْ كُنْت أُجْلِسُهُ مَكَانِي.

قَالَ: فَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُوْن السَّاعَةَ.

قَالَ: فَطَابَ قَلْبُه، وَأَذِن (٥) .

قَالَ أَبُو الفَضْلِ بنُ خَيْرُوْنَ: جَاءنِي بَعْضُ الصَّالِحِيْنَ وَأَخْبَرَنِي لَمَّا مَاتَ


(١) وسترد ترجمته برقم (٢٣٧) .
(٢) هو الامام أبو سعد أحمد بن محمد بن دوست داد النيسابوري العارف الملقب بشيخ الشيوخ المتوفى سنة (٤٧٩) ، وسترد ترجمته برقم (٢٥٤) .
(٣) المتوفى سنة (٤٩٧) هـ، وسترد ترجمته في الجزء التاسع عشر برقم (٨٧) .
(٤) في " المنتظم " و" معجم الأدباء ": لو كان بشر في الاحياء، ودخلت أنت والخطيب إليه أيكما كان يقعد إلى جنبه أنت أو الخطيب.
(٥) الخبر في " تذكرة الحفاظ " ٣ / ١١٤٤ - ١١٤٥، و" تهذيب ابن عساكر " ١ / ٤٠٠، و" المنتظم " ٨ / ٢٦٩ - ٢٧٠، و" معجم الأدباء " ٤ / ١٦ - ١٧، و" وفيات الأعيان " ١ / ٩٣.