للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جهَاته، وَإِنَّ اللهَ يُرَى فِي الآخِرَةِ.

قُلْتُ: لَسْتُ أُطِيْقُ أَنْ أَقُوْلَ مِنَ الهَيبَة.

فَقَالَ: قُل مَعِي.

فَأَعَاد الكَلِمَات، فَقلتُهَا مَعَهُ، فَتَبَسَّم، وَقَالَ: أَنَا أَشْهَدُ لَكَ عِنْد الْعَرْش.

فَأَردتُ أَنْ أَسأَلَه: هَلْ أَنَا ميت، فَبدَرَ، وَقَالَ: أَنَا لاَ أَدْرِي.

فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا مَلَكٌ، وَعُوفِيت.

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْله - عَلَيْهِ الصَّلَاة والسَّلاَمُ -: (مَتِّعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، وَاجْعَلْهُمَا الوَارِثَ مِنِّي (١)) عَنَى أَبَا بَكْرٍ وَعُمَر (٢) ، لأَنَّه (٣) رَآهُمَا، فَقَالَ: (هُمَا مِنَ الدِّيْن بِمَنْزِلَةِ السَّمْع وَالبَصَر (٤)) .

فَورثَا خِلاَفَة النُّبُوَّة.


(١) قطعة من حديث مطول أخرجه الترمذي (٣٥٠٢) في الدعوات، وابن السني رقم (٤٤٠) من حديث ابن عمر، وحسنه الترمذي، وهو كما قال وصححه الحاكم ١ / ٥٢٨، ووافقه الذهبي ونصه بتمامه، قال ابن عمر: قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه: " اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما يهون علينا مصيبات الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا " وأخرجه الحاكم ١ / ٥٢٣ من حديث أبي هريرة قال: كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم متعني بسمعي وبصري، واجعلهما الوارث مني، وانصرني على من ظلمني وأرني فيه ثأري " وسنده حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(٢) لم يتابع على هذا التفسير، وهو غريب جدا، قال البغوي في " شرح السنة "
٥ / ١٧٥: قيل: أراد بالسمع: وعي ما يسمع والعمل به، وبالبصر الاعتبار بما يرى، وقيل: يجوز أن يكون أراد بقاء السمع والبصر بعد الكبر وانحلال القوى، فيكون السمع والبصر وارثي سائر القوى، والباقيين بعدها، ورد الهاء إلى الامتاع، فلذلك وحده، فقال: " واجعله الوارث منا ".
(٣) في الأصل: لانهما.
(٤) حديث قوي رواه الترمذي (٣٦٧١) والحاكم ٣ / ٦٩ وصححه من حديث عبد الله بن حنطب بلفظه " هذان السمع والبصر يعني أبا بكر وعمر " وأخرجه الخطيب ٨ / ٤٥٩، ٤٦٠ من حديث جابر بن عبد الله بلفظ " أبو بكر وعمر من هذا الدين كمنزلة السمع والبصر من الرأس " وسنده حسن وله شاهد من حديث عمرو بن العاص وآخر من حديث حذيفة بن اليمان ذكرهما الهيثمي في " المجمع " ٩ / ٥٢، ٥٣، ونسب الأول للطبراني في " الكبير " والثاني للطبراني في " الأوسط ".