للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و (عَهْدَ) القَاضِي عَبْد الجَبَّارِ بخطّ الصَّاحب إِسْمَاعِيْل بن عَبَّادٍ، كُلّ سطر فِي وَرقَة، وَلَهُ غلاَف آبنُوس فِي غلظ الأُسْطُوَانَة، وَأَهدَى لَهُ مُصحفاً بخطٍّ مَنْسُوْب بَيْنَ سُطُوره القِرَاءات بِأَحْمَر، وَاللُّغَةُ بِأَخضر، وَالإِعرَابُ بِأَزرق، وَهُوَ مُذَهَّب، فَأَعْطَاهُ النّظَامُ ثَلاَثَ مائَةِ دِيْنَارٍ، وَمَا أَنْصَفَه، لَكنَّه اعْتذر، وَقَالَ: مَا عِنْدِي مَالٌ حَلاَلٌ سِوَاهَا (١) .

قَالَ المُؤتَمَن: تركتُه لِمَا كَانَ يَتظَاهِر بِهِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ: وَكَانَ فَصِيْحاً، حُلوَ الإِشَارَة، يَحفظ غَرَائِب الحِكَايَات وَالأَخْبَار، زِيديَّ المَذْهَب، فَسَّر فِي سَبْع مائَة مُجَلَّدٍ كِبَارِ (٢) .

قيل: دخل الغزَالِيُّ إِلَيْهِ، وَجَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: مَنْ أَيْنَ أَنْتَ؟

قَالَ: مِنَ المدرسَة بِبَغْدَادَ.

قَالَ الغزَالِيّ: لَوْ قُلْتُ: إِنِّيْ مِنْ طُوْس، لذكر تَغفِيل أَهْلِ طُوْس، مِنْ أَنَّهم سَأَلُوا المَأْمُوْن، وَتوسَّلُوا إِلَيْهِ بقبرِ أَبِيْهِ عِنْدَهُم، وَطَلَبُوا أَنْ يُحَوِّلَ الكَعْبَة إِلَى بلدهمْ.

وَأَنَّهُ جَاءَ عَنْ بَعْضِهم أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ نَجمه، فَقَال: بالتَّيس.

فَقِيْلَ لَهُ، فَقَالَ: كَانَ مِنْ سَنتين بِالجدي، وَالسَّاعَةَ قَدْ كَبِرَ.

قَالَ أَبُو عَلِيٍّ بنُ سُكَّرَة: أَبُو يُوْسُفَ كَانَ مُعْتَزِليّاً دَاعِيَةً يَقُوْلُ: لَمْ يَبْقَ مَنْ يَنْصُر هَذَا المَذْهَب غَيْرِي، وَكَانَ قَدْ أَسنّ، وَكَادَ أَنْ يَخفَى فِي مَجْلِسِهِ، وَلَهُ لِسَانُ شَابٍّ (٣) . ذكر لِي أَنَّ (تَفْسِيْره) ثَلاَثُ مائَةِ مُجلَّد،


(١) انظر " طبقات " السبكي ٥ / ١٢١ - ١٢٢، و" لسان الميزان " ٤ / ١١ - ١٢.
(٢) انظر " المنتظم " ٩ / ٩٠، و" البداية " ١٢ / ١٥٠، و" النجوم الزاهرة " ٥ / ١٥٦، و" طبقات " السبكي ٥ / ١٢١.
(٣) انظر " لسان الميزان " ٤ / ١٢.