للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِلل الشُّروط، مُشَارِكاً فِي أَشيَاء مِنَ العِلْمِ حَسَنَة، مَعَ دينٍ، وَخيرٍ، وَفضلٍ، وَطُولِ صَلاَة، قَوَّالاً لِلْحقِّ وَإِنْ أُوذِي، لاَ تَأْخُذُه فِي اللهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ، مُعَظَّماً عِنْد الخَاصَّةِ وَالعَامَّةِ، يَعرِفُوْنَ لَهُ حقَّهُ، وَلِيَ الصَّلاَةَ بقُرْطُبَة، وَكَانَ مُجَوِّداً لِكِتَابِ اللهِ، أَفْتَى وَحَدَّثَ وَعُمِّرَ، وَصَارَت الرِّحلَةُ إِلَيْهِ، أَلَّف كِتَاباً فِي أَحكَام النَّبِيّ (١) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرَأْتُهُ عَلَى أَبِي عَنْهُ (٢) .

وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: كَانَ صَالِحاً، قَوَّالاً لِلْحقِّ، شدِيداً عَلَى المُبْتَدِعَة، شُووِر عِنْدَ مَوْتِ ابْن القَطَّان إِلَى أَنْ دَخَلَ المرَابطون، فَأَسقطُوهُ مِنَ الفُتْيَا لِتعصُّبه عَلَيْهِم.

سَمِعَ مِنْهُ عَالَمٌ كَثِيْر، وَرحلُوا إِلَيْهِ لِسمَاعِ (المُوَطَّأ) ، وَلِسمَاع (المدوَّنَة (٣)) لِعلوه فِي ذَلِكَ، وَلـ (سُنَن النَّسَائِيّ) وَكَانَ أَسندَ مَنْ بَقِيَ صَحِيْحاً فَاضِلاً، عِنْدَهُ بَلَهٌ (٤) بِأَمرِ دُنْيَاهُ وَغفلَةٌ، وَيُؤْثَرُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ طَرَائِفُ، وَكَانَ شدِيداً عَلَى أَهْلِ البِدَع، مُجَانِباً لِمَنْ يَخوضُ فِي غَيْرِ الحَدِيْث.

وَنَقَلَ اليَسعُ بن حَزْم عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ ابْنِ الطَّلاَّع فِي بُستَانِه، فَإِذَا بِالمُعْتَمِدِ بن عَبَّادٍ مُجتَازٌ مِنْ قَصْرِه، فَرَأَى ابْنَ الطَّلاَّع، فَنَزَلَ عَنْ مَرْكُوبه، وَسَأَل دُعَاءَهُ، وَتَضَرَّع، وَتذمَّم، وَنَذَرَ، وَتَبَرَّع، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ: يَا


(١) وفي فهرست ابن خير ص ٢٤٦: كتاب أحكام رسول الله صلى الله عليه وسلم تأليف الفقيه أبي عبد الله محمد بن فرج، حدثني به الشيخ الفقيه أبو القاسم أحمد بن محمد بن بقي رحمه الله قراءة مني عليه في منزله، قال: حدثني به أبو عبد الله محمد بن فرج مؤلفه رحمه الله قراءة عليه.
(٢) الصلة: ٢ / ٥٦٤، ٥٦٥.
(٣) انظر فهرست ابن خير ص: ٢٤١.
(٤) أي: انه لانصرافه إلى العلم، وانشغاله بإصلاح نفسه، وبني جنسه، أغفل أمور دنياه، فجهل حذق التصرف فيها، وهذا النوع من البله محمود، وحديث " أكثر أهل الجنة البله " أخرجه البزار وقد ضعفه غير واحد من الأئمة.