للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قُلْتُ: وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، وَمَاتَ فِي شَوَّال، سَنَة إِحْدَى عَشْرَةَ وَخَمْس مائَة، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الدّين وَالثِّقَة وَالسُّنَّة (١) ، مَاتَ هُوَ وَأَبُو عَلِيٍّ بن نَبْهَانَ المَذْكُور فِي لَيْلَة وَاحِدَة، وَمِنْ مَرْوِيَّاته (سُنَنُ الدَّارَقُطْنِيّ) .

١٨٩ - ابْنُ صُلَيعَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدُ اللهِ بنُ صُلَيعَةَ *

الأَمِيْرُ، القَاضِي، أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْد اللهِ بن صُليعَة بن قَاضِي جبلَة، كَانَتْ جَبَلَةُ (٢) لِصَاحِب طَرَابُلُس ابْن عَمَّار، فَتعَانَى ابْنُ صُليعَة - وَيُقَالُ: ابْنُ صُليحَة - الفروسيَةَ، وَخَافَ مِنْهُ ابْنُ عَمَّار، فَعصَى بِجَبَلَةَ وَتَمَلَّكَهَا، وَحصَّنهَا إِلَى الغَايَة، وَخَطَبَ لِبَنِي العَبَّاسِ، ثُمَّ حَاصره الفِرَنْجُ، فَأَرْجَفَ (٣) بِمجِيْء جَيْش بَرْكيَارُوْق، فَتَرحَّلُوا عَنْهُ، ثُمَّ نَازلُوْهُ، فَشنع بِمجِيْء المصرِيين (٤) ، ثُمَّ قَرَّر مَعَ رَعيته النَّصَارَى بِأَنْ يُنَاصِحُوا الفِرَنْج، وَيُوَاعدوهُم إِلَى بُرْجٍ (٥) ،


(١) وقال ابن الجوزي في المنتظم: ٩ / ١٩٤: وكان ثقة حدثنا عنه أشياخنا.
(*) الكامل في التاريخ: ١٠ / ٣١٠ - ٣١٢، تتمة المختصر: ٢ / ٢٢.
(٢) جبلة: بلدة بساحل الشام من أعمال حلب قرب اللاذقية، وكانت حصنا للروم جلوا عنها عند فتح المسلمين حمص، وبنى معاوية بها حصنا خارقا من الحصن الرومي القديم، ولم تزل بأيدي المسلمين إلى سنة ٣٥٧ هـ، ثم استردها الكفار الصليبيون، ولم تزل بأيديهم إلى سنة ٤٧٣ هـ ثم عادت إلى المسلمين، وبقيت في حوزتهم إلى سنة ٥٥٢ هـ، ثم تملكها الصليبيون وبقوا فيها إلى أن استردها الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي سنة ٥٨٤ هـ.
(٣) أي أشاع أخبارا كاذبة بأن المسلمين متوجهون لنصرته بقيادة بركياروق ليلقي الرعب في قلوب الفرنج فينصرفوا عنه، وأصل الارجاف: التحريك من الرجفة التي هي الزلزلة، وصفت بها الاخبار الكاذبة لكونها في نفسها متزلزلة غير ثابتة، أو لتزلزل قلوب سامعيها واضطرابها منها، وفي الكامل لابن الأثير: ١٠ / ٣١٠: فأظهر أن السلطان بركياروق قد توجه إلى الشام، وشاع هذا، فرحل الفرنج.
(٤) في الكامل: فأظهر أن المصريين قد توجهوا لحربهم، فرحلوا ثانيا ثم عادوا.
(٥) تمام الكلام كما في " الكامل ": من أبراج البلد ليسلموه إليهم ويملكوا البلد، فلما أتتهم الرسالة، جهزوا نحو ثلاث مئة رجل من أعيانهم وشجعانهم ...