للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِي وَزَرَ بِمِصْرَ بَعْدَ الأَفْضَلِ، وَلَهُ مُؤلَّف فِي طرِيقَة الخلاَفِ، وَكَانَ المَأْمُوْنُ قَدْ نَوَّه بِاسْمِهِ، وَبَالَغَ فِي إِكْرَامِهِ.

قِيْلَ: كَانَ مَوْلِدُهُ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.

وَدَخَلَ بَغْدَاد فِي حَيَاة أَبِي نَصْرٍ الزَّيْنَبِيّ، وَأَظُنُّهُ سَمِعَ مِنْهُ، وَقَالَ: رَأَيْتُ بِهَا آيَةً فِي سَنَةِ ثَمَانٍ وَسَبْعِيْنَ بَعْدَ الْعَصْر، فَسمِعنَا دوياً عَظِيْماً، وَأَقْبَلَ ظلاَمٌ، فَإِذَا رِيحٌ لَمْ أَرَ مِثْلهَا، سَوْدَاءُ ثخينَةٌ، يَبينُ لَكَ جِسْمُهَا، فَاسوَدَّ النَّهَارُ، وَذَهَبت آثَارُهُ، وَذَهَبَ أَثَرُ الشَّمْس، وَبقينَا كَأَنَّنَا فِي أَشَدِّ ظُلْمَةٍ، لاَ يُبْصِرُ أَحَدٌ يَدَهُ، وَمَاجَ النَّاسُ، وَلَمْ نشكَّ أَنَّهَا القِيَامَة، أَوْ خسف، أَوْ عَذَاب قَدْ نَزل، وَبَقِيَ الأَمْرُ كَذَلِكَ قدر مَا يَنْضِجُ الْخبز، وَرجع السَّوَادُ حُمْرَةً كلهبِ النَّار، أَوْ جمراً يَتَوَقَّدُ، فَلَمْ نَشُك حِيْنَئِذٍ أَنَّهَا نَارٌ أَرْسَلهَا الله عَلَى العبَاد، وَأَيِسْنَا مِنَ النَّجَاة، ثُمَّ مَكَثتْ أَقلَّ مِنْ مُكْثِ الظَّلاَمِ، وَتَجَلَّتْ بِحَمْدِ اللهِ عَنْ سلاَمَة، وَنَهبَ النَّاسُ بعضَهُم بعضاً فِي الأَسواقِ، وَخطفُوا العَمَائِمَ وَالمَتَاع، ثُمَّ طَلَعتِ الشَّمْسُ، وَبقيت سَاعَةً إِلَى الغُروب.

قُلْتُ: حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو طَاهِرٍ السِّلَفِيُّ، وَالفَقِيْه سلاَّر بن الْمُقدم، وَجَوْهَرُ بن لُؤْلُؤ المُقْرِئ، وَالفَقِيْهُ صَالِحُ ابْن بِنْت مُعَافَى المَالِكِيّ، وَعَبْدُ اللهِ بن عَطَّافٍ الأَزْدِيّ، وَيُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ القروِي الفَرَضِيّ، وَعَلِيُّ بن مَهْدِيِّ بن قلينَا، وَأَبُو طَالِبٍ أَحْمَد المُسَلَّم اللَّخْمِيّ، وَظَافرُ بن عَطِيَّةَ، وَأَبُو الطَّاهِرِ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَوْف، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ العُثْمَانِيّ، وَعَبْدُ المَجِيد بن دُليل، وَآخَرُوْنَ (١) .


(١) منهم أبو بكر بن العربي كما تقدم في الصفحة ٤٩١، وقد اجتمع به في المسجد =