للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُومِيَة (١) .

فَربط الشَّابّ، وَشوَّقه إِلَى أُمُوْرٍ عَشِقَهَا، وَأَفضَى إِلَيْهِ بسرِّه، وَكَانَ فِي صُحبته الفَقِيْهُ عَبْدُ اللهِ الوَنْشَرِيسِي، وَكَانَ جَمِيْلاً نَحْويّاً، فَاتفقَا عَلَى أَنْ يُخفِي علمَه وَفصَاحته، وَيَتظَاهِر بِالجَهْل وَاللَّكَنِ مُدَّةً، ثُمَّ يَجعلُ إِظهَار نَفْسِهِ معجزَةً، فَفَعَل ذَلِكَ (٢) ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى سِتَّة مِنْ أَجلاَد أَتْبَاعِهِ، وَسَارَ بِهِم إِلَى مَرَّاكُش، وَهِيَ لابْنِ تَاشفِيْن، فَأَخذُوا فِي الإِنْكَار، فَخوَّفُوا الْملك مِنْهُم، وَكَانُوا بِمسجد خرَاب، فَأَحضرهُم الملكُ، فَكلمُوْهُ فِيمَا وَقَعَ فِيْهِ مِنْ سَبِّ الْملك، فَقَالَ: مَا نُقِلَ مِنَ الوقيعَة فِيْهِ، فَقَدْ قلتُه، هَلْ


= في صحيح البخاري (١١١) و (١٨٧٠) و (٣١٧٢) و (٣١٧٩) و (٦٧٥٥) و (٦٩٠٣) و (٦٩١٥) و (٧٣٠٠) من طريق أبي جحيفة السوائي، قال: سألت عليا رضي الله عنه: هل عندكم شيء مما ليس في القرآن، أو ما ليس عند الناس؟ فقال: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن إلا فهما يعطى رجل في كتابه، وما في هذه الصحيفة، قال: قلت: فما هذه الصحيفة؟ قال: " العقل، وفكاك الاسير، ولا يقتل مسلم بكافر ".
قال الحافظ ابن حجر: وإنما سأله أبو جحيفة عن ذلك لان جماعة من الشيعة كانوا يزعمون أن عند أهل البيت - لا سيما عليا - أشياء من الوحي خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بها لم يطلع غيرهم عليها.
ونقل العيني في " عمدته ": ١ / ١٦١ عن ابن بطال قوله: فيه ما يقطع بدعة الشيعة والمدعين على علي رضي الله عنه أنه الوصي، وأنه المخصوص بعلم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعرفه غيره حيث قال: ما عنده إلا ما عند الناس من كتاب الله، ثم أحال على الفهم الذي الناس فيه على درجاتهم ولم يخص نفسه بشيء غير ما هو ممكن في غيره.
على أن الكتاب لا تصح نسبته إلى جعفر الصادق رحمه الله، والذين نسبوه إليه من أجهل الناس بمعرفة المنقولات والأحاديث والآثار، والتمييز بين صحيحها وضعيفها، وعمدتهم في المنقولات التواريخ المنقطعة الإسناد، وكثير منها من وضع من عرف بالكذب والاختلاق، كأبي مخنف لوط، وهشام بن محمد بن السائب، وأمثالهما، وغير خاف على طلبة العلم أن ما لا يعلم إلا من طريق النقل لا يمكن الحكم بثبوته إلا بالرواية الصحيحة السند، فإذا لم توجد، فلا يسوغ لنا شرعا وعقلا أن نقول بثبوته، وانظر " أبجد العلوم " ٢ / ٢١٤ - ٢١٦، و" لقطة العجلان " كلاهما لصديق حسن خان، ومجلة المنار ٤ / ٦٠ للسيد رشيد رضا.
(١) بضم الكاف وسكون الواو: قبيلة صغيرة كانت تنزل بساحل البحر من أعمال تلمسان.
(٢) انظر " وفيات الأعيان ": ٥ / ٤٨.