للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِنَّ القَوَافِي بِالثَّنَاء فَصِيْحَةٌ ... تُنَاضِلُ عَنْ أَنسَابِكُم وَتُحَامِي (١)

قَالَ: فَخَرَجَ لفظ الخَلِيْفَة: سُرْعَةُ العفوِ عَنْ كَبِيْر الجُرم اسْتحقَارٌ بِالمعفو عَنْهُ.

وَبِخَطِّ قَاضِي المَارستَان قَالَ: حُكِيَ أَنَّ الوَزِيْر عَلِيّ بن طِرَاد أَشَارَ عَلَى المُسْترشد أَنْ يَنْزِلَ فِي مَنْزِل اخْتَاره، وَقَالَ: هُوَ أَصْوَنُ.

قَالَ: كُفَّ يَا عَلِيّ، وَاللهِ لأَضربنَّ بسيفِي حَتَّى يَكِلَّ سَاعِدي، وَلأَلْقَيَنَّ الشَّمْسَ بِوَجْهِي حَتَّى يَشْحُبَ لونِي:

وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِنَ المَوْتِ بُدٌّ ... فَمِنَ العَجْزِ أَنْ تَكُوْنَ جَبَانَا (٢)

ابْنُ النَّجَّار: أَخْبَرَنَا زَيْنُ الأُمنَاء، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُحَمَّدٍ الإِسكَافِي إِمَامِ الوَزِيْرِ، قَالَ:

لَمَّا كُنَّا مَعَ المُسْترشد بِبَابِ هَمَذَان، كَانَ مَعَنَا إِنْسَان يُعْرَفُ بفَارِس الإِسْلاَم، وَكَانَ يَقْرُبُ مِنْ خدمَةِ الخَلِيْفَة، فَدَخَلَ عَلَى الوَزِيْر ابْن طِرَاد، فَقَالَ: رَأَيْتُ السَّاعَةَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَا تَقُوْلُ فِي هَذَا الجَيْش؟

قَالَ: مَكْسُور مَقْهُور، فَأُرِيْدُ أَنْ تُطَالِعَ الخَلِيْفَة بِهَذَا.

فَقَالَ: يَا فَارِسَ الإِسْلاَم، أَنَا أَشرتُ عَلَى الخَلِيْفَة أَنْ لاَ يَخْرُجَ مِنْ بَغْدَادَ، فَقَالَ: يَا عليّ، أَنْتَ عَاجز رُدَّ إِلَى بَيْتك، فَلاَ أُبلِّغُه هَذَا، لَكِن قل لابْنِ طَلْحَةَ صَاحِبِ الْمخزن.

فَذَهَبَ إِلَى ابْنِ طَلْحَةَ، فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: لاَ أُنهِي إِلَيْهِ مَا يُتَطَيَّرُ بِهِ، فَاكتب هَذَا إِلَيْهِ وَاعْرِضهَا، وَأَخلِ مَوْضِع مَقْهُور، فَكَتَبتُهَا، وَجِئْت إِلَى السُّرَادِق، فَوَجَدْتُ نَجَا فِي الدِّهليز، وَقَدْ


(١) الابيات في ديوانه: ٣ / ٣٦ عدا البيت الثالث.
(٢) البيت للمتنبي: ديوانه: ٤ / ٢٤١، من قصيدة مطلعها: صحب الناس قبلنا ذا الزمانا * وعناهم من أمره ما عنانا