للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جدّه لأُمِّهِ عَبْد المَجِيد بن عَبْدِ اللهِ بن عَيْذُوْنَ الفِهْرِيّ الأَنْدَلُسِيّ، اليَابُرِي النَّحْوِيّ، الشَّاعِرُ المفلِق.

أَخَذَ عَنْ أَبِي الحجَّاج الأَعْلَم، وَعَاصِمِ بنِ أَيُّوْبَ، وَأَبِي مَرْوَانَ بن سرَاج، وَلَهُ نَظْمٌ فَائِق، وَمُؤلَّف فِي الانتصَار لأَبِي عُبَيْدٍ عَلَى ابْنِ قُتَيْبَة، وَكَانَ مِنْ بُحُوْر الآدَاب، كتب الإِنشَاءَ لِلمُتَوكِّلِ بنِ الأَفْطَس صَاحِب بَطَلْيَوْسَ وَأُشبونَة، وَلَهُ فِيهِم مرثيَة باهرَة (١) أَوَّلُهَا:

الدَّهْرُ يَفْجَعُ بَعْدَ العَيْنِ بِالأَثَرِ ... فَمَا البُكَاءُ عَلَى الأَشْبَاحِ وَالصُّوَرِ

ثُمَّ تَضَعْضع، وَاحتَاج، وَعُمِّرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ زُهر: دَخَلَ عَلَيْنَا رَجُل رَثُّ الهيئَة، كَأَنَّهُ بدوِي، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، اسْتَأْذِن لِي عَلَى الوَزِيْر أَبِي مَرْوَانَ.

فَقُلْتُ: هُوَ نَائِم.

فَقَالَ: مَا هَذَا الكِتَاب؟

قُلْتُ: وَمَا سُؤَالك عَنْهُ؟! هَذَا مِنْ كِتَاب (الأَغَانِي) .

فَقَالَ: تُقَابِله؟

فَقُلْتُ: مَا هُنَا أَصل.

قَالَ: إِنِّيْ حَفِظته فِي الصِّغَر.

فَتبسَّمتُ، فَقَالَ: فَأَمسك عليَّ، فَأَمسكت، فَوَاللهِ مَا أَخْطَأَ شَيْئاً، وَقرَأَ نَحْواً مِنْ كُرَّاسَينِ، فَقُمْتُ مُسْرِعاً إِلَى أَبِي، فَخَرَجَ حَافِياً وَعَانقهُ، وَقبَّل يَدَه وَاعْتَذَرَ، وَسَبَّنِي وَهُوَ يُخَفِّض عَلَيْهِ، ثُمَّ حَادثه، وَوهبه مركوباً، ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَبتِ مَنْ هَذَا؟

قَالَ: وَيْحَك! هَذَا أَديبُ الأَنْدَلُس ابْنُ عَيْذُوْنَ، أَيْسَرُ مَحْفُوْظَاته كِتَاب (الأَغَانِي) .


= " عبدون، بالباء الموحدة والدال المهملة، ولم يرد له ذكر في كتب المشتبه تحت: " عيذون ". وانظر الجزء الثامن عشر ص ٥٩٨ ت ٢.
(١) في " وفيات الوفيات ": ٢ / ٣٨٨: ومن شعره قصيدته الرائية التي رثى بها ملوك بني الافطس، وذكر فيها من أباده الحدثان من ملوك كل زمان، ثم أوردها بتمامها، وهي مشروحة بقلم عبد الملك بن عبد الله بن بدرون الحضرمي المتوفى بعد سنة ٦٠٨ هـ، واسم شرحه " كمامة الزهر وصدفة الدر " نشره دوزي بليدن عام ١٨٦٠ م.