للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَاشفِيْنَ (١) سُلْطَانُ الوَقْتِ مِنْ ظُهُوْرِه، وَظَنَّ أَنَّهُ مِنْ أُنْمُوْذَجِ ابْنِ تُوْمَرْتَ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ قَتلَه سِرّاً، فَسقَاهُ - وَاللهُ أَعْلَمُ -.

وَقَدْ قرَأَ بِالرِّوَايَاتِ عَلَى اثْنَيْنِ مِنْ بَقَايَا أَصْحَاب أَبِي عَمْرٍو الدَّانِي، وَلَبِسَ الخِرْقَةَ (٢) مِنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْد البَاقِي المَذْكُوْر آخرِ أَصْحَاب أَبِي عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيِّ وَفَاةً.

قَالَ ابْنُ مَسْدِي: ابْنُ العَرِيْف مِمَّنْ ضَرَبَ عَلَيْهِ الكَمَالُ رِوَاقَ التعرِيف، فَأَشرقت بِأَضرَابِه البِلاَد، وَشَرِقت بِهِ جَمَاعَةُ الحُسَّاد، حَتَّى لَسَعَوْا بِهِ إِلَى سُلْطَان عصره، وَخوَّفُوهُ مِنْ عَاقبَة أَمرِه، لاشتمَال القُلوبِ عَلَيْهِ، وَانضِوَاءِ الغُربَاء إِلَيْهِ، فَغُرِّب إِلَى مَرَّاكُش، فَيُقَالُ: إِنَّهُ سُمَّ، وَتُوُفِّيَ شهيداً، وَكَانَ لَمَّا احتُمل إِلَى مَرَّاكُش، اسْتوحش، فَغرَّقَ فِي البَحْرِ جَمِيْعَ مُؤلَّفَاته، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ مَا كُتِبَ مِنْهَا عَنْهُ.

رَوَى عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ بنُ الرِّزْقِ الحَافِظُ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ بنُ ذِي النُّوْنِ، وَأَبُو العَبَّاسِ الأَنْدَرَشِيُّ (٣) ، وَلَبِسَ مِنْهُ الخِرْقَة، وَصَحِبَ جَدِّي الزَّاهِدَ مُوْسَى بنَ مَسْدِي، وَلَعَلَّهُ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ.

ثُمَّ قَالَ: مولدُ ابْنُ العَرِيْفِ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ.


(١) يقصد علي بن يوسف بن تاشفين، سترد ترجمته برقم (٧٥) .
(٢) قال القاشاني وهو من صوفية القرن الثامن الهجري في كتابه " اصطلاحات الصوفية " ص ١٥٩، ١٦٠: خرقة التصوف: هي ما يلبسه المريد من يد شيخه الذي يدخل في إرادته، ويتوب على يده، لامور، منها التزيي بزي المراد ليتلبس باطنه بصفاته، كما تلبس ظاهره بلباسه، وهو لباس التقوى ظاهرا وباطنا..ومنها وصول بركة الشيخ الذي لبسه من يده المباركة إليه..الخ.
وانظر " المقاصد الحسنة " ص ٣٣١ للسخاوي.
(٣) نسبة إلى حصن أندرش من المرية، وكان قد سكنه، كما ذكر ابن حجر في ترجمته في " لسان الميزان " ١ / ٢٥٩، ٢٦٠.