للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَمَّا التَقَى عَسْكَرُه العَدُوَّ، انْهَزَمُوا (١) ، وَاختلَّتِ الأَنْدَلُسُ، وَظهرَ بِهَا المُنْكَرُ، وَقُتِلَ خَلْقٌ مِنَ المُرَابِطِيْنَ، وَأَخَذَ يَتهَاونُ، وَيَقنعُ بِالاسْمِ، وَأَقْبَلَ عَلَى العِبَادَةِ وَأَهملَ الرَّعَايَا، وَعَجَزَ، حَتَّى قِيْلَ: إِنَّهُ رَفعَ يَدَيْهِ، وَدَعَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ قَيِّضْ لِهَذَا الأَمْرِ مَنْ يَقوَى عَلَيْهِ.

وَابتُلِيَ بِنُوَّابٍ ظَلَمَةٍ، ثُمَّ خَرَجَ عَلَيْهِ ابْنُ تُوْمَرْتَ، وَحَارَبه عَبْدُ المُؤْمِنِ، وَقَوِيَ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ البِلاَدَ، وَوَلَّتْ أَيَّام المُلَثَّمَةِ (٢) ، فَمَاتَ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلاَثِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.

وَعُهِدَ بِالأَمْرِ إِلَى ابْنِهِ يُوْسُفَ، فَقَاوَمَ عَبْدَ المُؤْمِنِ مُدَيدَةً، ثُمَّ انزَوَى إِلَى وَهرَانَ، وَتَفَرَّقتْ جُمُوْعُه، فَظَفِرَ بِهِ الموحِّدُوْنَ، وَهَلَكَ فِي سَنَةِ أَرْبَعِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.

وَعِنْدِي فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: أَنَّ الَّذِي وَلِيَ بَعْدَ عَلِيٍّ وَلدُهُ تَاشفِيْنُ (٣) ، فَحَارَبَ الموحِّدينَ مديدَةً، ثُمَّ تَحصَّنَ بِوَهْرَانَ، وَأَنَّهُ هَلَكَ فِي رَمَضَانَ، سَنَةَ تِسْعٍ (٤) ، وَصَلبُوهُ.


(١) انظر " الكامل " ١٠ / ٥٨٦.
(٢) وهم المرابطون، وسموا الملثمين لانهم كانوا يتلثمون ولا يكشفون وجوههم، وذلك سنة لهم يتوارثونها خلفا عن سلف، ذلك أن أصل هؤلاء القوم من حمير بن سبأ، وكانت حمير تتلثم لشدة الحر والبرد، وقيل: كان اللثام لاسباب أخرى. انظر " وفيات الأعيان " ٧ / ١٢٨، ١٢٩.
(٣) وهو الذي ذكره المؤلف في " العبر " ٤ / ١٠٢، وابن خلكان في " وفيات الأعيان " ٧ / ١٢٤، وابن الأثير في " الكامل " ١٠ / ٤١٧ و٥٧٩، وابن العماد في " الشذرات " ٤ / ١١٥.
(٤) وثلاثين.
انظر " الكامل " ١٠ / ٥٧٩، ٥٨٠ و١١ / ١٠٢، و" وفيات الأعيان " ٧ / ١٢٦، ١٢٧، وقد ذكر المؤلف في " دول الإسلام " ٢ / ٥٦ أنه خرج منهزما، وأحاطوا به، فهمز فرسه، فاقتحم به البحر، فغرق في سنة أربعين.