للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفَضْل بن أَبِي نَصْرٍ الطُّوْسِيّ، فَيَقُوْلُ:

مَا نَعلم مَنْ يَسْتَحقُّ هَذَا اللَّقَب اليَوْم - أَعنِي: الحَافِظ - وَيَكُوْن حقيقاً بِهِ سِوَاهُ.

كَذَا حَدَّثَنِي أَبُو المَوَاهِبِ بن صَصْرَى.

وَقَالَ: لَمَّا دَخَلت هَمَذَان أَثْنَى عَلَيْهِ الحَافِظُ أَبُو العَلاَءِ، وَقَالَ لِي: أَنَا أَعْلَم أَنَّهُ لاَ يُسَاجل الحَافِظ أَبَا القَاسِمِ فِي شَأْنه أَحَد، فَلَو خَالَقَ النَّاس وَمَازجهُم كَمَا أَصْنَع، إِذاً لاجْتَمَعَ عَلَيْهِ المُوَافِق وَالمُخَالِفُ.

وَقَالَ لِي أَبُو العَلاَءِ يَوْماً: أَيُّ شَيْءٍ فُتِحَ لَهُ، وَكَيْفَ تَرَى النَّاسَ لَهُ؟

قُلْتُ: هُوَ بعيد مِنْ هَذَا كُلّه، لَمْ يَشتغل مُنْذُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلاَّ بِالجمع وَالتصنِيف وَالتسمِيْع حَتَّى فِي نُزهه وَخلوَاته.

فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ، هَذَا ثَمَرَة العِلْم، أَلاَ إِنَّا (١) قَدْ حَصَلَ لَنَا هَذِهِ الدَّارُ وَالكُتُب وَالمَسْجَد، هَذَا يَدلّ عَلَى قلّة حُظُوظ أَهْل العِلْمِ فِي بِلاَدكُم.

ثُمَّ قَالَ لِي: مَا كَانَ يُسَمَّى أَبُو القَاسِمِ بِبَغْدَادَ إِلاَّ شعلَة نَار مِنْ تَوقُّده وَذكَائِهِ وَحُسن إِدرَاكه (٢) .

وَرَوَى زَين الأُمَنَاءِ، حَدَّثَنَا (٣) ابْنُ القَزْوِيْنِيّ، عَنْ وَالِده مُدَرِّس النِّظَامِيَّة، قَالَ:

حَكَى لَنَا الفُرَاوِيّ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، فَقَرَأَ عَلَيَّ فِي ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَر، فَأَضجَرَنِي، وَآليتُ أَنْ أُغلِقَ بَابِي، وَأَمتنعَ، جرَى هَذَا الخَاطر لِي بِاللَّيْلِ، فَقَدم مِنَ الغَدِ شَخْص، فَقَالَ: أَنَا رَسُوْل اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَيْك، رَأَيْتهُ فِي النَّوْمِ، فَقَالَ: امْضِ إِلَى الفُرَاوِيّ، وَقُلْ لَهُ: إِن قَدِمَ بلدكُم رَجُل مِنْ أَهْلِ الشَّامِ أَسْمَر يَطلب حَدِيْثِي، فَلاَ يَأْخُذْكَ مِنْهُ ضَجَرٌ وَلاَ مَلَلٌ.

قَالَ:


(١) تحرف في كتاب " ابن عساكر " ص ٣٨ إلى " أنه ".
(٢) انظر " تذكرة الحفاظ " ٤ / ١٣٣١، ١٣٣٢، و" طبقات " السبكي ٧ / ٢١٨، و" معجم الأدباء " ١٣ / ٨٤، ٨٥.
(٣) سقط لفظ " حدثنا " من كتاب " ابن عساكر " ص ٣٨، فأوهم أن زين الامناء هو ابن القزويني.