للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَ حليماً، رحيماً، شفِيقاً، ليّناً، كَرِيْماً، نَقَلْتُ مَنْ خطِّ أَبِي طَالِبٍ بن عَبْدِ السَّمِيْعِ، قَالَ:

كَانَ المُسْتَضِيْء مِنَ الأَئِمَّةِ الموفّقين، كَثِيْر السّخَاء، حَسَن السِّيْرَةِ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:

اتَّصل بِي أَنَّهُ وَهب فِي يَوْمٍ لِحظَايَا وَجِهَاتٍ أَزْيَدَ مِنْ خَمْسِيْنَ أَلْفَ دِيْنَارٍ.

عَبْدُ العَزِيْزِ بنُ دُلَفٍ: حَدَّثَنَا مَسْعُوْدُ ابْنُ النَّادِرِ (١) ، قَالَ:

كُنْتُ أُنَادِم أَمِيْر المُؤْمِنِيْنَ المُسْتَضِيْء، وَكَانَ صَاحِبَ الْمخزن ابْنُ العَطَّارِ قَدْ صَنَعَ شَمْعَدَاناً ثمنَ أَلف دِيْنَار، فَحضر وَفِيْهِ الشّمعَة، فَلَمَّا قُمْت، قَامَ الخَادِم بِهَا بَيْنَ يَدَيَّ، فَأَطلق لِي التَّوْرَ (٢) .

قَالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ (٣) : وَفرّق أَمْوَالاً فِي الْعلوِيين وَالعُلَمَاء وَالصُّوْفِيَّة.

كَانَ دَائِم الْبَذْل لِلمَال، لَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ وَقْعٌ، وَلَمَّا اسْتُخْلف، خلع عَلَى أَربَاب الدَّوْلَة، فَحكَى خَيَّاطُ الْمخزن (٤) لِي أَنَّهُ فَصَّل أَلْفاً وَثَلاَثِ مائَةٍ قبَاء إِبرِيسمٍ، وَوَلَّى قَضَاء القُضَاة رَوْحَ بنَ الحَدِيْثِيِّ، وَأَمر سَبْعَةَ عَشَرَ مَمْلُوْكاً.

قَالَ: وَاحتجب عَنْ أَكْثَر النَّاس فَلَمْ يَرْكَبْ إِلاَّ مَعَ الْخَدَم، وَلَمْ يَدخلْ عَلَيْهِ


(١) في الأصل: (البادر) بالباء وكذلك في الكامل لابن الأثير وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه، وقد قيده الزكي المنذري بالحروف فقال: (بالنون وبعد الالف دال وراء مهملتان) (التكملة: ١ / ٢٢٩) وتوفي مسعود هذا سنة ٥٨٦.
(٢) التور: قال صاحب القاموس: (الجريان، والرسول بين القوم، واناء يشرب فيه) (مادة: تور) ، والظاهر ان التور هنا تعني الجراية، اي: المعاش المخصص لبعض الناس.
(٣) (المنتظم) : ١٠ / ٢٣٣.
(٤) المخزن يشبه وزارة المالية في عصرنا أو الخزينة المركزية، وكان له في هذا العصر ديوان كبير خاص به يسمى متوليه (صاحب المخزن) ، وتحت إمرته عدة موظفين، لكل منهم اختصاصه، فمنهم (خياط المخزن) الذي كان مسؤولا عن تجهيز الثياب الخاصة ونحوها.