للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلِيٍّ، صَاحِبُ المَغْرِبِ.

تَمَلَّكَ بَعْدَ أَخِيْهِ الْمَخْلُوع مُحَمَّد (١) ؛ لطيشه، وَشُرْبِه الخَمْر، فَخلع بَعْد شَهْر وَنِصْف، وَبُوْيِع أَبُو يَعْقُوْبَ، وَكَانَ شَابّاً مَلِيحاً، أَبيض بِحُمْرَةٍ، مُسْتدير الوَجْه، أَفْوَهَ، أَعْيَن، تَامّ القَامَة، حُلْو الكَلاَم، فَصِيْحاً، حُلْو المفَاكهَة، عَارِفاً بِاللُّغَةِ وَالأَخْبَار وَالفِقْه، مُتَفَنِّناً، عَالِي الهِمَّة، سخيّاً، جَوَاداً، مَهِيْباً شُجَاعاً، خليقاً لِلملك.

قَالَ عَبْدُ الوَاحِدِ بنُ عَلِيٍّ التَّمِيْمِيّ (٢) : صَحَّ عِنْدِي أَنَّهُ كَانَ يَحفظ أَحَد (الصَّحِيْحَيْنِ) ، أَظنّه البُخَارِيّ.

قَالَ: وَكَانَ سَدِيْد الملوكيَّة، بعيد الهِمَّة، جَوَاداً، استغنَى النَّاس فِي أَيَّامِهِ، ثُمَّ إِنَّهُ نَظَرَ فِي الطِّبّ وَالفَلْسَفَة، وَحفظ أَكْثَر كِتَاب (الملكِي) ، وَجَمَعَ كتب الفَلاَسِفَة، وَتطلبهَا مِنَ الأقطَار، وَكَانَ يَصحبه أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ طُفَيْلٍ الفَيْلَسُوْف، فَكَانَ لاَ يَصبِرُ عَنْهُ (٣) ، وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ بنَ يَحْيَى الفَقِيْه، سَمِعْتُ الحَكَمَ أَبَا الوَلِيْدِ بن رُشْدٍ الحَفِيْد يَقُوْلُ:

لَمَّا دَخَلتُ عَلَى أَمِيْرِ المُؤْمِنِيْنَ أَبِي يَعْقُوْبَ، وَجَدْتُه هُوَ وَابْن طُفَيْلٍ فَقَطْ، فَأَخَذَ ابْنُ طُفَيْلٍ يُطْرِينِي، فَكَانَ أَوّل مَا فَاتَحنِي أَنْ قَالَ: مَا رَأْيهُم فِي السَّمَاءِ؟ أَقَدِيمَةٌ أَمْ حَادثَةٌ؟

فَخفت، وَتعلّلت، وَأَنْكَرت الفَلْسَفَة، فَفَهِم، فَالْتَفَت إِلَى ابْنِ طُفَيْلٍ، وَذَكَرَ قَوْل أَرِسْطُو فِيْهَا، وَأَوْرَد حجج أَهْل الإِسْلاَم،


= الواحد المراكشي، وأفرد له ترجمة حافلة في (تاريخ الإسلام) الورقة: ٨٤ (أحمد الثالث ٢٩١٧ / ١٤) ، وأخباره مشهورة.
(١) توفي عبد المؤمن سنة ٥٥٨، وكان قد عهد في حياته لولده محمد، وبقي محمد هذا بعد وفاة والده خمسة وأربعين يوما.
خلع بعدها في شعبان من السنة نفسها للاسباب التي ذكرها الذهبي.
(٢) (المعجب) : ٣٠٩.
(٣) (المعجب) : ٣١١ فما بعد.