للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموحّدين يَكتُبُوْنَ فِي أَلوَاحهِم.

وَكَانَ يُسهِّل عَلَيْهِ بذل الأَمْوَال سعَةُ الخَرَاج، كَانَ يَأْتيه مِنْ إِفْرِيْقِيَة فِي العَامِ مائَة وَخَمْسُوْنَ وَقْرَ بغل.

وَاسْتنفر (١) فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسَبْعِيْنَ أَهْل السَّهْل وَالجبل وَالعرب، فَعبر إِلَى الأَنْدَلُسِ، وَقصد شَنْتَرِيْنَ بِيَدِ (٢) ابْن الرِّيْقِ -لَعَنَهُ اللهُ- فَحَاصَرَهَا مُدَّة، وَجَاءَ الْبرد، فَقَالَ: غداً نَترحّل.

فَكَانَ أَوَّل مَنْ قوّض مخيّمه عَلِيُّ ابْنُ القَاضِي الخَطِيْب، فَلَمَّا رَآهُ النَّاس، قوّضُوا أَخبَيْتَهُم، فَكثر ذَلِكَ، وَعبر لَيْلَتَئِذٍ العَسْكَر النَّهْر، وَتَقدّمُوا خوف الازدحَام، وَلَمْ يَدر بِذَلِكَ أَبُو يَعْقُوْبَ، وَعرفت الرُّوْم، فَانْتهزُوا الفرصَة، وَبرزُوا، فَحملُوا عَلَى النَّاسِ، فَكشفَوَهِمَ، وَوصلُوا إِلَى مخيم السُّلْطَان، فَقُتِلَ عَلَى بَابه خلق مِنَ الأَبْطَال، وَخُلصَ إِلَى السُّلْطَانِ، فَطُعن تَحْتَ سرّته طعنَةً مَاتَ بَعْدَ أَيَّام مِنْهَا، وَتَدَارك النَّاس، فَهَزمُوا الرُّوْمَ إِلَى البَلَد، وَهَرَبَ الخَطِيْب، وَدَخَلَ إِلَى صَاحِب شَنْتَرِيْن، فَأَكْرَمَه، وَاحْتَرَمه، ثُمَّ أَخَذَ يُكَاتِب المُسْلِمِيْنَ، وَيدلّ عَلَى عورَة العَدُوّ، فَأَحرقوهُ، وَلَمْ يَسيرُوا بِأَبِي يَعْقُوْبَ إِلاَّ لَيْلَتَيْنِ، وَتُوُفِّيَ، وَصُلِّي عَلَيْهِ، وَصُبِّر فِي تَابوت، وَبُعِثَ إِلَى تينمَلّ (٣) ، فَدفن مَعَ أَبِيْهِ، وَابْنِ تُوْمَرْت.

مَاتَ: فِي سَابع رَجَب، سَنَة ثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، وَبَايعُوا ابْنه يَعْقُوْب.

وَفِيْهَا مَاتَ: أَحْمَدُ بنُ المُبَارَكِ بنِ درّك الضّرِير، وَصَدْر الدِّيْنِ عَبْد الرَّحِيْمِ ابْن شَيْخ الشُّيُوْخِ إِسْمَاعِيْل بن أَبِي سَعْدٍ، وَأَبُو الفَرَجِ مُحَمَّد بن أَحْمَدَ ابْنِ الشَّيْخ أَبِي عَلِيٍّ بنِ نَبْهَانَ الأَدِيْب، وَشَيْخ النَّحْو أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بنُ


(١) (المعجب) : ٣٣٠.
(٢) يعني: التي بيد.
(٣) هكذا هي في الأصل و (المعجب) ص: ٣٣٤، وفي (معجم البلدان) و (مراصد الاطلاع) : (تين ملل) ، جبال بالمغرب بينها وبين مراكش ثلاثة فراسخ.