للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَكَانَتْ وَقعته بِمِصْرَ مَعَ السُّودَان، وَكَانُوا نَحْو مائَتَيْ أَلف، فَنُصِر عَلَيْهِم، وَقَتَلَ أَكْثَرهُم.

وَفِي هَذِهِ الأَيَّام اسْتولَى ملك الخَزَر عَلَى دُوِيْن، وَقتلَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ ثَلاَثِيْنَ أَلْفاً.

حُمَّ صَلاَح الدِّيْنِ، فَفَصده مَنْ لاَ خَبَرَة لَهُ، فَخَارت القُوَّة، وَمَاتَ، فَوَجَد النَّاسُ عَلَيْهِ شبيهاً بِمَا يَجدُوْنَهُ عَلَى الأَنْبِيَاء، وَمَا رَأَيْتُ ملكاً حَزِنَ النَّاس لِمَوْتِهِ سِوَاهُ، لأَنَّه كَانَ مُحببّاً، يُحِبُّه البِرّ وَالفَاجر، وَالمُسْلِم وَالكَافِر، ثُمَّ تَفرّق أَوْلاَده وَأَصْحَابه أَيَادِي سَبَأ، وَتَمزّقُوا.

وَلَقَدْ صدق العِمَاد فِي مَدحه حَيْثُ يَقُوْلُ:

وَلِلنَّاسِ بِالمَلِكِ النَّاصِرِ الصَّلاَ ... حِ صَلاَحٌ وَنَصْرٌ كَبِيْرُ

هُوَ الشَّمْسُ أَفلاَكُهُ فِي البِلاَ ... دِ وَمَطْلَعُهُ سَرْجُهُ وَالسَّرِيْرُ

إِذَا مَا سَطَا أَوْ حَبَا وَاحْتَبَى ... فَمَا اللَّيْثُ مِنْ حَاتِمٍ مَا ثَبِيْرُ

قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ (١) : بَلَغَنِي أَنّ صَلاَح الدِّيْنِ قَدِمَ بِهِ أَبُوْهُ وَهُوَ رضيعٌ، فَنَاب أَبُوْه بِبَعْلَبَكَّ إِلَى آخذهَا أَتَابك زَنْكِي (٢) ، وَقِيْلَ: إِنَّهُم خَرَجُوا مِنْ تَكرِيت فِي لَيْلَةِ مَوْلِد صَلاَح الدِّيْنِ، فَتطيَّرُوا بِهِ، فَقَالَ شِيرْكُوْه أَوْ غَيْره: لَعَلَّ فِيْهِ الخَيْر وَأَنْتُم لاَ تَعلمُوْنَ ... ، إِلَى أَنْ قَالَ (٣) :

وَكَانَ شِيرْكُوْه أَرْفَع مَنْزِلَةً عِنْد نُوْر الدِّيْنِ، فَإِنَّهُ كَانَ مُقدَّمَ جيوشِهِ.


(١) (وفيات) : ٧ / ١٤٣ - ١٤٥.
(٢) أصل الخبر عند ابن خلكان: (فلما فتح عماد الدين زنكي بعلبك، جعل نجم الدين دزدارها) والدزدار كلمة أعجمية بمعنى حافظ القلعة، وهو الوالي، فجعلها الذهبي هنا (نائب) .
(٣) (الوفيات) : ٧ / ١٤٦ فما بعد، وقد تصرف الذهبي بالنص تصرفا كبيرا، فلخص، وغير وقدم وأخر على عادته، لكنه احتفظ بالمعنى، وهذه طريقته، رحمه الله، وهي طريقة مربكة.