للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رَأَيْت يَوْماً قَدْ أُهدِيَ إِلَى بَيْت الحَافِظ مشْمش فَكَانُوا يفرقُون، فَقَالَ مِنْ حِينه: فَرِّقُوا* {لَنْ تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّوْنَ (١) } .

وَقَدْ فُتح لَهُ بِكَثِيْر مِنَ الذَّهب وَغَيْرِهِ، فَمَا كَانَ يَترك شَيْئاً حَتَّى قَالَ لِي ابْنه أَبُو الفَتْحِ: وَالِدِي يُعطِي النَّاس الكَثِيْر، وَنَحْنُ لاَ يَبعثَ إِلَيْنَا شَيْئاً، وَكُنَّا بِبَغْدَادَ.

مَا ابْتُلِيَ الحَافِظُ بِهِ:

قَالَ الضِّيَاء: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْد الرَّحْمَانِ بن مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الجَبَّارِ، سَمِعْتُ الحَافِظَ يَقُوْلُ:

سَأَلت الله أَنْ يَرْزُقنِي مِثْل حَال الإِمَام أَحْمَد، فَقَدْ رزقنِي صلاَته قَالَ: ثُمَّ ابْتُلِي بَعْدَ ذَلِكَ، وَأُوذِي.

سَمِعْتُ الإِمَام عَبْد اللهِ بن أَبِي الحَسَنِ الجُبَّائِيّ (٢) بِأَصْبَهَانَ يَقُوْلُ:

أَبُو نُعَيْمٍ (٣) قَدْ أَخَذَ عَلَى ابْنِ مَنْدَةَ (٤) أَشيَاء فِي كِتَابِ (الصَّحَابَة) ، فَكَانَ الحَافِظُ أَبُو مُوْسَى (٥) يَشتهِي أَنْ يَأْخذ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ فِي كِتَابِهِ الَّذِي فِي الصَّحَابَة، فَمَا كَانَ يَجسر، فَلَمَّا قَدِمَ الحَافِظ عَبْد الغَنِيِّ، أَشَارَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ، قَالَ: فَأَخَذَ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ نَحْواً مِنْ مائَتَيْنِ وَتِسْعِيْنَ مَوْضِعاً، فَلَمَّا سَمِعَ بِذَلِكَ الصَّدْر (٦) الخُجَنْدِيّ،


(١) آل عمران: ٩٢.
(٢) توفي سنة ٦٠٥ بأصبهان، وهو شامي، منسوب إلى (الجبة) قرية من أعمال طرابلس الشام، وقال ياقوت في (جبة) من (معجم البلدان) : (كذا كان ينسب نفسه وهو خطأ، والصواب: الجبي) انظر المعجم: ٢ / ٣٢، والتقييد لابن نقطة، الورقة: ١٣١، وتكملة المنذري: ٢ / الترجمة: ١٠٥٩ وغيرها.
(٣) صاحب (تاريخ أصبهان) و (الحلية) المتوفى سنة ٤٣٠.
(٤) أبو عبد الله محمد بن إسحاق المتوفى سنة ٣٩٥.
(٥) المديني الأصبهاني المتوفى سنة ٥٨١.
(٦) صدر الدين أبو بكر محمد بن عبد اللطيف بن محمد الأزدي الأصبهاني المتوفى بأصبهان سنة ٥٩٢، وبيتهم ممن ينتسب إلى المهلب بن أبي صفرة الأزدي (انظر الكامل لابن =