للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طلب عَبْد الغَنِيِّ، وَأَرَادَ هَلاَكه، فَاخْتَفَى.

وَسَمِعْتُ مَحْمُوْد بن سَلاَمَةَ يَقُوْلُ: مَا أَخرجنَا الحَافِظ مِنْ أَصْبَهَان إِلاَّ فِي إِزَار، وَذَلِكَ أَن بَيْت الخُجَنْدِيّ أَشَاعِرَة، كَانُوا يَتعصّبُوْنَ لأَبِي نُعَيْمٍ، وَكَانُوا رُؤسَاء البَلَد.

وَسَمِعْتُ الحَافِظَ يَقُوْلُ: كُنَّا بِالمَوْصِل نَسْمَع (الضُّعَفَاء) لِلْعُقَيْلِيّ، فَأَخذنِي أَهْل المَوْصِل وَحَبَسُونِي، وَأَرَادُوا قتلِي مِنْ أَجْل ذكر شَيْء فِيْهِ (١) ، فَجَاءنِي رَجُلٌ طَوِيْل وَمَعَهُ سَيْف، فَقُلْتُ: يَقتلنِي وَأَسْترِيح.

قَالَ: فَلَمْ يَصنع شَيْئاً، ثُمَّ أَطلقونِي، وَكَانَ يَسْمَع مَعَهُ ابْنُ البَرْنِيِّ الوَاعِظ (٢) ، فَقلع الْكرَّاس الَّذِي فِيْهِ ذَلِكَ الشَّيْء، فَأَرْسَلُوا، وَفتشُوا الكِتَاب، فَلَمْ يَجِدُوا شَيْئاً، فَهَذَا سَبَب خَلاَصه.

وَقَالَ: كَانَ الحَافِظ يَقرَأُ الحَدِيْث بِدِمَشْقَ، وَيَجْتَمِع عَلَيْهِ الْخلق، فَوَقَعَ الْحَسَد، فَشرعُوا عَملُوا لَهُم وَقتاً لقِرَاءة الحَدِيْث، وَجَمَعُوا النَّاس، فَكَانَ هَذَا يَنَام وَهَذَا بِلاَ قَلْب (٣) ، فَمَا اشتفَوْا، فَأَمرُوا النَّاصِح ابْن الحَنْبَلِيِّ (٤)


= الأثير: ١٢ / ٥٢، وتاريخ ابن الدبيثي، الورقة: ٧٢ (شهيد علي) ، وتكملة المنذري: ١ / الترجمة: ٣٣٤ والتعليق عليها.
(١) يعني من أجل ذكر الامام أبي حنيفة فيه.
(٢) إما أن يكون المقصود هو أبو الفرج ذاكر الله بن إبراهيم البغدادي الحربي القارئ المذكر المتوفى ببغداد سنة ٦٠١ (التكملة: ٢ / الترجمة: ٨٦٩) ، أو هو أخوه أبو منصور المظفر بن إبراهيم المتوفى ببغداد سنة ٦٠٧ (التكملة: ٢ / الترجمة: ١١٧٠) وعندي أن الأول أشبه لأنه كان مذكرا.
(٣) يعني أنهم كانوا يجمعون الناس من غير اختيارهم، فكان بعضهم ينام، وكان البعض يحضر وقلبه غير حاضر.
(٤) أبو الفرج عبد الرحمان بن نجم بن عبد الوهاب الأنصاري الشيرازي الدمشقي المتوفى سنة ٦٣٤.