للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دَائِماً، وَيَقُوْلُ:

صَلاَحُ الدِّيْنِ يُوْسُفُ فَتَحَ السَّاحِلَ، وَأَظهَرَ الإِسْلاَمَ، وَأَنْتَ (١) يُوْسُفُ أَحيَيتَ السُّنَّةَ (٢) بِالشَّامِ.

قَالَ أَبُو شَامَةَ (٣) : يُشير أَبُو المُظَفَّرِ إِلَى أَنَّهُ كَانَ يُورد فِي الوَعْظِ كَثِيْراً مِنْ كَلاَمِ جَدِّهِ (٤) وَمِنْ خُطَبِهِ مَا يَتَضمَّنُ إِمْرَارَ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَمَا صَحَّ مِنَ الأَحَادِيْثِ عَلَى مَا وَردَ مِنْ غَيْرِ مَيْلٍ إِلَى تَأْوِيْلٍ وَلاَ تَشْبِيهٍ وَلاَ تَعْطِيلٍ، وَمَشَايِخُ الحَنَابِلَةِ العُلَمَاءُ هَذَا مُخْتَارُهُم، وَهُوَ جَيِّدٌ، وَشَاهَدتُ العِمَادَ مُصَلِّياً فِي حَلْقَةِ الحَنَابِلَةِ مِرَاراً، وَكَانَ مُطِيلاً لأَرْكَانِ الصَّلاَةِ قِيَاماً وَرُكُوْعاً وَسُجُوداً، كَانَ يُصَلِّي إِلَى جُرَانتين (٥) ، ثُمَّ عَمِلَ المِحْرَابَ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ.

قَالَ الضِّيَاءُ: تُوُفِّيَ العِمَادُ - رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ - لَيْلَةَ الخَمِيْسِ، سَابِعَ عَشَرَ ذِي القَعْدَةِ، سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مائَةٍ، عَشَاءَ الآخِرَةِ، فَجْأَةً، وَكَانَ صَلَّى المَغْرِبَ بِالجَامِعِ وَكَانَ صَائِماً، فَذَهَبَ إِلَى البَيْتِ، وَأَفطَرَ عَلَى شَيْءٍ يَسِيرٍ، وَلَمَّا أُخْرِجَتْ جِنَازَته، اجْتَمَعَ خَلْقٌ، فَمَا رَأَيْتُ الجَامِعَ إِلاَّ كَأَنَّهُ يَوْمُ الجُمُعَةِ مِنْ كَثْرَةِ الخَلْقِ، وَكَانَ الوَالِي يَطْرُدُ الخَلْقَ عَنْهُ، وَازْدَحَمُوا حَتَّى كَادَ بَعْضُ النَّاسِ أَنْ يَهْلِكَ، وَمَا رَأَيْتُ جَنَازَةً قَطُّ أَكْثَرَ خَلْقاً مِنْهَا.

وَحُكِي عَنْهُ: أَنَّهُ لَمَّا جَاءهُ المَوْتُ جَعَلَ يَقُوْلُ:

يَا حَيُّ يَا قَيُّوْمُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيْثُ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَتَشَهَّدَ.


(١) تصحيف في المطبوع من المرآة إلى " وابن ".
(٢) كلمة " السنة " سقطت من النسخة التي طبعت عليها " المرآة "، وحاول المصحح استدراكها فما نجح.
(٣) ذيل الروضتين: ١٠٥.
(٤) أبو الفرج عبد الرحمان ابن الجوزي.
(٥) الجرانة: حجر منقور.