للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المُلُوْك، حَاضِر القَلْب، دَائِم الذّكر، بعيد الصِّيْت.

كَانَ مِنْ حدَاثته يَخْرُج وَيَنطرح فِي شَعْرَاء (١) يُونِيْن، فِيردّه السّفَّارَة إِلَى أُمّه، ثُمَّ تَعبّد بِجَبل لُبْنَان، وَكَانَ يَغْزُو كَثِيْراً.

قَالَ الشَّيْخُ عليّ القَصَّار: كُنْت أَهَابه كَأَنَّهُ أَسد، فَإِذَا دَنَوْت مِنْهُ، وَدِدْت أَنْ أَشقّ قَلْبِي وَأَجعله فِيْهِ.

قِيْلَ: إِنَّ العَادل أَتَى وَالشَّيْخ يَتوضَأَ، فَجَعَلَ تَحْتَ سجَادته دَنَانِيْر، فَرَدَّهَا، وَقَالَ:

يَا أَبُو (٢) بَكْرٍ كَيْفَ أَدْعُو لَكَ وَالخُمُوْر دَائِرَة فِي دِمَشْق، وَتبيع المَرْأَة وَقيَة يُؤْخَذ مِنْهَا قرطيس؟

فَأَبطل ذَلِكَ.

وَقِيْلَ: جلس بَيْنَ يَدَيْهِ المُعَظَّمُ، وَطلب الدُّعَاء مِنْهُ، فَقَالَ:

يَا عِيْسَى، لاَ تَكُنْ نحس (٣) مِثْل أَبيك، أَظهر الزّغل (٤) ، وَأَفسد عَلَى النَّاسِ المعَامِلَة.

حكَى الشَّيْخ عَبْد الصَّمَدِ، قَالَ: وَاللهِ مُذْ خدمت الشَّيْخ عَبْد اللهِ، مَا رَأَيْتهُ اسْتند وَلاَ سَعَل وَلاَ بَصَق.

قد طوّلت هَذِهِ التَّرْجَمَة فِي (التَّارِيْخ الكَبِيْر) ، وَفِيْهَا كَرَامَات لَهُ وَرِيَاضَات وَإِشَارَات، وَكَانَ لاَ يَقوم لأَحدٍ تَعْظِيْماً للهِ وَلاَ يَدّخر شَيْئاً؛ لَهُ ثَوْب خَام، وَيلبس فِي الشِّتَاء فَرْوَة، وَقَدْ يُؤثِر بِهَا فِي الْبرد، وَكَانَ رُبَّمَا جَاع وَيَأْكُل مِنْ وَرق الشَّجَر.


(١) الشعراء بوزن الصحراء: الشجر الكثير.
(٢) هكذا في الأصل وفي تاريخ الإسلام بخط الذهبي، فهي على الحكاية.
(٣) هكذا في الأصل وفي تاريخ الإسلام بخط الذهبي، وصوابها " نحسا " لكن أبقيناها لأنها من كلام الشيخ.
(٤) العملة المغشوشة.