للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَاه لِلْخَطَا، وَعَاثُوا، وَكَانَ رَأْسُهُم يُدعَى كشلو خَان (١) ، فَكَتَبَ ملكُ الخَطَا إِلَى خُوَارِزْمشَاه: مَا جَرَى بَيْنَنَا مغفورٌ، فَقَدْ أَتَانَا عدوٌّ صعبٌ، فَإِنْ نُصِرُوا عَلَيْنَا، فَلاَ دَافع لَهُم عَنْكَ، وَالمصلحَةُ أَنْ تُنْجِدَنَا، فَكَتَبَ: هَا أَنَا قَادِمٌ لنصرتِكُم، وَكَاتَبَ كشلوخَان: إِنَّنِي قَادِمٌ وَأَنَا مَعَكَ عَلَى الخَطَا، فَكَانَ بِئسَ الرَّأْي، فَأَقْبَلَ وَالتَقَى الجمعَانِ، وَنَزَلَ خُوَارِزْم شَاه بِإِزَائِهِمَا، يُوهِمُ كُلاًّ مِنَ الفرقَيْنِ أَنَّهُ مَعَهُ، وَأَنَّهُ كَمِينٌ لَهُ، فَوَقَعتِ الكَسْرَةُ عَلَى الخَطَا، فَمَالَ خُوَارِزْم شَاه حِيْنَئِذٍ مُعِيناً لَكشلوخَان، وَاسْتَحَرَّ القتلُ بِالخَطَا، وَلجؤُوا إِلَى رُؤُوْسِ الجِبَالِ، وَانضمَّ مِنْهُم خلقٌ إِلَى خُوَارِزْم شَاه، وَخضعَ لَهُ كشلوخَان، وَقَالَ: نَتقَاسمُ مَمْلَكَةَ الخَطَا.

فَقَالَ خُوَارِزْم شَاه: بَلِ البِلاَدُ لِي، وَسَارَ لِحَرْبِهِ، ثُمَّ تَبيَّن لَهُ قوَّةَ التَّتَارِ، فَأَخَذَ يُرَاوِغُهُم وَيَكبِسُهُم، فَبَعَثَ إِلَيْهِ كشلو: مَاذَا فِعلُ ملكٍ، ذَا فِعْلُ اللُّصُوصِ، فَإِنْ كُنْتَ ملِكاً فَاعملْ مصَافّاً (٢) .

فَلَمْ يُجِبْهُ، وَأَمرَ أَهْلَ فَرغَانَةَ وَالشَّاشَ وَمَدَائِنَ التُّرْكِ بِالجفلِ إِلَى بُخَارَى وَسَمَرْقَنْدَ، وَخرَّبَ المَدَائِنَ وَدحَاهَا عجزاً عَنْ حَفِظِهَا مِنْهُم.

ثُمَّ خَرَجَ عَلَى كشلوخَان الطَّاغِيَةُ جِنْكِزْ خَان، فَتحَاربُوا مُدَّةً، وَظَفِرَ جِنْكِزْ خَان، وَطغَى وَتَمرَّدَ، وَأَبَاد البِلاَدَ وَالعِبَادَ، وَأَخَذَ أَقَالِيمَ الخَطَا، وَجَعَلَ خَان بِالق دَارَ مُلْكِهِ، وَأَفنَى الأُمَمَ بِإِقْلِيْمِ التُّرْكِ، وَمَا وَرَاءَ النَّهْرِ، وَخُرَاسَانَ، وَهَزَمَ الجُيُوْشَ.

وَمَا جَرَى لَهُ فَسِيرَةٌ مُفْرَدَةٌ، وَقَدْ جَوَّدَ وَصفَهُم المُوَفَّقُ البَغْدَادِيُّ، فَقَالَ:


(١) ويقال فيه: " كشلي خان " أيضا.
(٢) في الأصل: مصاف.
وهذه التعابير معظمها للذهبي مع أنه نقل المادة من ابن الأثير، وقد اشرنا غير مرة أن الذهبي ينقل المعنى، ويغير في الألفاظ ويختصر النصوص ويصيغها بصياغته، وهذا تجوز منه رحمه الله.
وفي كامل ابن الأثير: " وإلا إن كنت سلطانا، كما تقول، فيجب أن نلتقي، فإما أن تهزمني وتملك البلاد التي بيدي، وإما أن أفعل أنا بك ذلك.
فكان يغالطه ولا يجيبه إلى ما طلب ".