للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ الضِّيَاء: كَانَ فَقِيْهاً، إِمَاماً، مُنَاظِراً، اشْتَغَل عَلَى ابْنِ المَنِّيِّ، وَسَمِعَ الكَثِيْر، وَكتبه، وَأَقَامَ سِنِيْنَ بِنَابُلُسَ بَعْد الفُتُوْح (١) بِجَامِعِهَا الغربِي، وَانتفع بِهِ خَلْق، وَكَانَ سمحاً، كَرِيْماً، جَوَاداً، حَسَنَ الأَخلاَق، مُتَوَاضِعاً، رَجَعَ إِلَى دِمَشْقَ قَبْل وَفَاته بِيَسِيْرٍ، وَاجتهَدَ فِي كِتَابَة الحَدِيْث وَتسمِيْعه، وَشرحَ كِتَاب (المُقْنِعِ) ، وَكِتَاب (العُمْدَة) لِشيخنَا مُوَفَّق الدِّيْنِ، وَوَقَفَ مَسْمُوْعَاته.

وَقَالَ الحَاجِب: كَانَ مليحَ المَنْظَر، مطرحاً لِلتَّكَلُّفِ، كَثِيْر الفَائِدَة، قَوَّالاً بِالْحَقِّ، ذَا دين وَخَيْرٍ، لاَ يَخَاف فِي اللهِ لَوْمَة لاَئِم، رَاغِباً فِي الحَدِيْثِ، كَانَ يَنْزِل مِنَ الْجَبَل قَاصداً لِمَنْ يسمع عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا أَطعم غدَاءهُ لِمَنْ يَقرَأُ عَلَيْهِ، وَانقطع بِمَوْته حَدِيْث كَثِيْر -يَعْنِي مِنْ دِمَشْقَ-.

وَمَاتَ: فِي سَابع ذِي الحِجَّةِ، سَنَةَ أَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.

قُلْتُ: رَوَى عَنْهُ: البِرْزَالِيّ، وَالضِّيَاء، وَابْن المَجْدِ، وَالشَّرَف ابْن النَّابُلُسِيِّ، وَالجمَال ابْن الصَّابُوْنِيّ، وَالشَّمْس ابْن الكَمَالِ، وَالتَّاج عَبْد الخَالِقِ، وَمُحَمَّد بن بلغزَا، وَدَاوُد بن مَحْفُوْظ، وَعَبْد الكَرِيْمِ بن زَيْدٍ، وَالعِزُّ ابْن الفَرَّاءِ، وَالعِزُّ ابْن العِمَاد، وَالعِمَاد عَبْد الحَافِظِ، وَالتَّقِيّ بن مُؤْمِنٍ، وَسِتّ الأَهْل بِنْت النَّاصِحِ، وَإِسْحَاق بن سُلْطَان، وَأَبُو جَعْفَرٍ ابْن الموَازِينِيُّ، وَآخَرُوْنَ.

وَقَدْ سُقْتُ مِنْ تَفَاصيل أَحْوَاله فِي (تَارِيْخ الإِسْلاَم) .

وَأَقدم شَيْء سَمِعَهُ بِدِمَشْقَ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ الكِنَانِيّ، سَمِعْتُ الكَثِيْرَ عَلَى أَصْحَابه.

وَفِيْهَا مَاتَ: القُدْوَة أَبُو أَحْمَدَ جَعْفَر بن عَبْدِ اللهِ بنِ سَيِّد بُونه الخُزَاعِيُّ صَاحِب ابْن هُذَيْلٍ، وَدَاوُد بن الفَاخِرِ، وَطَاغِيَة التَّتَار جِنْكِزْ خَان، وَقَاضِي


(١) يعني فتوح السلطان المجاهد صلاح الدين يوسف رضي الله عنه.