للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَمَلَّكَ المَغْرِبَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَكَانَ بَدِيْعَ الحُسْنِ، بَلِيْغ المَنْطِق، غَارقاً فِي وَادِي اللَّهْو وَالبطَالَة.

وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَملَّكوهُ وَلَهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، فَضيَّعُوا أَمر الأُمَّة، وَأُمّه أُمّ وَلَدٍ، اسْمهَا قَمَر الرُّوْمِيَّة، وَكَانَ يُشَبَّه بِجدِّه.

قَامَ بِبَيعته عِيْسَى بن عَبْدِ المُؤْمِنِ، فَهُوَ عَمّ جدّه، وَآخِرُ مَنْ تَبقَّى مِنْ أَوْلاَدِ السُّلْطَانِ عَبْدِ المُؤْمِنِ، وَقَدْ حَيّ إِلَى حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ، فَقَامَ يَوْم البَيْعَة كَاتِبُ سِرِّهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَ يَقُوْلُ لِلأَعيَانِ (١) : تُبَايعُوْنَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ ابْن أَمِيْر (٢) المُؤْمِنِيْنَ عَلَى مَا بَايَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ (٣) رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ السَّمْعِ وَالطَّاعَة فِي اليُسْرِ وَالعُسْرِ (٤) .

وَخَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ؛ وَلد العَاضد بِاللهِ العُبَيْدِيّ المِصْرِيّ؛ الَّذِي هَرَبَ مِنْ بَنِي أَيُّوْبَ إِلَى المَغْرِب، فَقَامَتْ مَعَهُ صِنْهَاجَةُ، وَعَظُم البَلاَء بِهِ، وَكثرت جُمُوْعه، وَكَانَ ذَا سَمْت وَصَمْت وَتَعَبُّد، فَقصَد سِجِلْمَاسَةَ، فَالتقَاهُ مُتَوَلِّيهَا حَفِيْد عَبْد المُؤْمِنِ، فَانْتصر ابْنُ العَاضد، وَلَمْ يَزَلْ يَتنقَّل وَتَكثر جُمُوْعه، وَلاَ يَتُمّ لَهُ أَمر، لِغُربَة بَلَدِهِ، وَعدم عَشِيرَته، وَلأَنَّ لِسَانَهُ غَيْر لِسَان البَرْبَرِ، ثُمَّ أَمسكَهُ مُتَوَلِّي فَاسَ، وَصَلَبَه (٥) .

مَاتَ المُسْتَنْصِر: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَمْ يُخلف وَلداً، فَمَلَّكت الموحدُوْنَ بَعْدَهُ عَمَّ أَبِيْهِ عَبْدَ الوَاحِدِ.


(١) الذي روى ذلك هو عبد الواحد المراكشي، وكان حاضرا (المعجب: ٤٠٧) .
(٢) في الأصل والمعجب: أمراء.
(٣) في المعجب: " أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(٤) في المعجب: " في المنشط والمكره واليسر والعسر ... " ولنص البيعة تتمة في " المعجب ".
(٥) انظر المعجب: ٤٠٨ - ٤٠٩.