للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَرُبِي الشَّيْخ يَتيماً، ثُمَّ عَمل العَتَّابِيّ، ثُمَّ تَزَهَّد، وَصَحِبَ أَبَا عَلِيٍّ المُغَرْبَل خَادمَ الشَّيْخِ رسلاَنَ.

قَرَأْت بِخَطّ السَّيْف الحَافِظ: كَانَ الحَرِيْرِيّ مِنْ أَفتن شَيْء وَأَضرِّهِ عَلَى الإِسْلاَمِ، تَظهرُ مِنْهُ الزَّنْدَقَة وَالاستهزَاء بِالشرع، بَلَغَنِي مِنَ الثِّقَاتِ أَشيَاءُ يُسْتَعظم ذِكرُهَا مِنَ الزَّنْدَقَةِ وَالجُرْأَةِ عَلَى اللهِ، وَكَانَ مُسْتَخِفّاً بِأَمر الصَّلَوَاتِ.

وَحَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ الصَّرِيْفِيْنِيُّ، قَالَ: قُلْتُ لِلْحَرِيْرِيِّ: مَا الحُجَّةُ فِي الرَّقصِ؟

قَالَ: {إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١) } .

وَكَانَ يُطعِمُ وَيُنفِقُ وَيَتبعه كُلّ مُرِيب.

شَهِدَ عَلَيْهِ خَلقٌ كَثِيْر بِمَا يُوجب القتلَ، وَلَمْ يُقْدِم السُّلْطَانُ عَلَى قَتْلِهِ، بَلْ سَجَنَهُ مَرَّتَيْنِ.

أَنْبَأَنَا العَلاَّمَة ابْن دَقِيق العِيْد، عَنِ ابْنِ عَبْد السَّلاَمِ سَمِعَهُ يَقُوْلُ فِي ابْن (٢) العَرَبِيِّ: شَيْخُ سُوءٍ كَذَّاب.

وَعِنْدِي مَجمُوعٌ مِنْ كَلاَمِ الشَّيْخِ الحَرِيْرِيِّ فِيْهِ: إِذَا دَخَلَ مرِيْدِي بِلاَد الرُّوْم، وَتنصَّر، وَأَكل الخِنْزِيْر، وَشرب الخَمْر كَانَ فِي شغلِي!

وَسَأَله رَجُل: أَيُّ الطّرق أَقْرَب إِلَى اللهِ؟

قَالَ: اترك السَّيرَ وَقَدْ وَصلتَ!

وَقَالَ لأَصْحَابِهِ: بَايِعُونِي عَلَى أَنَّ نَمُوْت يَهُوْدَ (٣) ، وَنُحْشَرَ إِلَى النَّارِ حَتَّى لاَ يَصْحَبنِي أَحَدٌ لِعِلَّةٍ.


(١) الآية الاولي من سورة الزلزلة.
(٢) الزيادة من تاريخ الإسلام ج ٢٠ الورقة ٥٨ وهنا ذكر قبل هذه الجملة كلاما كثيرا عن الشيخ ابن عربي، وكتابه الفصوص.
(٣) (يهود) كذا بالمنع من الصرف في الأصل وفي تاريخ الإسلام الورقة ٥٩.