للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَالَ: وَقَدِمَ بَغْدَادَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَنَزَلَ بِالنّظَامِيَّةِ، وَحَدَّثَ (بِالسُّنَن الكَبِيْر (١)) وَ (بِالغَرِيْبِ) لِلْخطَابِي، وَهُوَ مِنَ الأَئِمَّةِ الفُضَلاَء فِي جَمِيْع فُنُوْن العِلْم، لَهُ فَهْم ثَاقب، وَتَدقيق فِي المَعَانِي، وَلَهُ تَصَانِيْف عِدَّة وَنظم وَنثر ... ، إِلَى أَنْ قَالَ:

وَهُوَ زَاهِد مُتَوَرِّع كَثِيْر العِبَادَة، فَقير مُجَرَّدُ، مُتعفِّف نَزه، قَلِيْل المُخَالَطَة، حَافِظ لأَوقَاته، طَيِّب الأَخلاَق، كَرِيْم متودد، مَا رَأَيْتُ فِي فَنه مِثْلَه، أَنْشَدَنِي لِنَفْسِهِ:

مَنْ كَانَ يَرغب فِي النَّجَاة فَمَا لَهُ ... غَيْر اتِّبَاع المُصْطَفَى فِيمَا أَتَى

ذَاك السَّبِيل المُسْتقيم وَغَيْرهُ ... سبل الضَّلاَلَة وَالغوَايَة وَالرَّدَى

فَاتَّبعْ كِتَابَ اللهِ وَالسُّنَنَ الَّتِي ... صَحَّتْ فَذَاكَ إِنِ اتَّبَعتَ هُوَ الهُدَى

وَدعِ السُّؤَال بِلِمْ وَكَيْفَ فَإِنَّهُ ... بَابٌ يَجرُّ ذَوِي البصِيْرَةِ لِلْعمَى

الدِّيْنُ مَا قَالَ الرَّسُولُ وَصحبُهُ ... وَالتَّابِعُوْنَ وَمَنْ مَنَاهِجَهُم قَفَا

قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: سَأَلت الضِّيَاء عَنِ المُرْسِيّ، فَقَالَ: فَقِيْه منَاظر نَحْوِي مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، صَحِبَنَا فِي الرِّحلَةِ، وَمَا رَأَينَا مِنْهُ إِلاَّ خَيراً.

وَقَالَ أَبُو شَامَةَ (٢) : كَانَ مُتَفَنِّناً مُحققاً، كَثِيْرَ الحَجِّ، مُقتصداً فِي أُموره، كَثِيْرَ الكُتُبِ مُحصلاً لَهَا، وَكَانَ قَدْ أُعْطِي قبولاً فِي البِلاَد.

وَقَالَ يَاقُوْت (٣) : هُوَ أَحَد أُدبَاء عصرنَا، تَكَلَّمَ عَلَى (الْمفصل) لِلزَّمَخشرِي، وَأَخَذَ عَلَيْهِ سَبْعِيْنَ مَوْضِعاً، وَهُوَ عذرِيُّ الهَوَى، عَامِرِيُّ


(١) الذي للبيهقي، وقد حدث به عن منصور بن عبد المنعم الفراوي.
(٢) ذيل الروضتين: ١٩٥ - ١٩٦ وفيه وردت العبارة: وكان شيخا فاضلا مفتيا كثير الحج محقق البحث مقتصدا في اموره..".
(٣) معجم الأدباء: ١٨ / ٢٠٩ - ٢١٣ بتصرف.