للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَنَّى تُعَاطِي قَلْبَهُ حَارِثيَّةٌ ... تَدَمَّنُ بُصْرَى أَوْ تَحِلُّ الجَوَابِيَا

وَأَنَّى تُلاَقِيْهَا بَلَى وَلَعَلَّهَا ... إِنِ النَّاسُ حَجُّوا قَابِلاً أَنْ تُوَافِيَا (١)

فَقَالَ عُمَرُ لأَمِيْرِ عَسْكَرِهِ: إِنْ ظَفِرْتَ بِهَذِهِ عَنْوَةً، فَادْفَعْهَا إِلَى ابْنِ أَبِي بَكْرٍ.

فَظَفِرَ بِهَا، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، فَأُعْجِبَ بِهَا، وَآثَرَهَا عَلَى نِسَائِهِ، حَتَّى شَكَوْنَهُ إِلَى عَائِشَةَ.

فَقَالَتْ لَهُ: لَقَدْ أَفْرَطْتَ.

فَقَالَ: وَاللهِ، إِنِّي لأَرْشُفُ مِنْ ثَنَايَاهَا حَبَّ الرُّمَّانِ.

فَأَصَابَهَا وَجَعٌ، فَسَقَطَتْ أَسْنَانُهَا؛ فَجَفَاهَا، حَتَّى شَكَتْهُ إِلَى عَائِشَةَ، فَكَلَّمَتْهُ.

قَالَ: فَجَهَّزَهَا إِلَى أَهْلِهَا، وَكَانَتْ مِنْ بَنَاتِ المُلُوْكِ.

قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: تُوُفِّيَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِالصِّفَاحِ (٢) ، وَحُمِلَ، فَدُفِنَ بِمَكَّةَ.

وَقَدْ صَحَّ فِي (مُسْلِمٍ) فِي الوُضُوْءِ: أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ خَرَجَ إِلَى جَنَازَةِ سَعْدِ ابْن أَبِي وَقَّاصٍ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَاشَ بَعْدَ سَعْدٍ (٣) .


(١) الابيات في " نسب قريش " ٢٧٦، و" الاغاني ": ١٧ / ٣٥٨، و" الإصابة " في ترجمة ليلى بنت الجودي وقوله: " تدمن بصرى " أي: تغشاها وتلزمها.
(٢) الصفاح: موضع بين حنين وأنصاب الحرم على يسرة الداخل إلى مكة.
لكن في حديث الترمذي (١٠٥٥) من طريق عبد الله بن أبي ميكة قال: توفي عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشي (وهو جبل بأسفل مكة على ستة أميال منها) فحمل إلى مكة، ورجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة ابن جريج وهو مدلس، ورواه عبد الرزاق في " المصنف " (٦٥٣٥) ولفظه: قال ابن جريج: سمعت ابن أبي مليكة يقول: قالت عائشة: لو حضرت عبد الرحمن تعني أخاها ما دفن إلا حيث مات وكان مات بالحبشي، ودفن بأعلى مكة.
وفيه التصريح بالسماع فانتفت شبهة تدليسه، وتابعه عليه أيوب السختياني عند عبد الرزاق أيضا (٦٥٣٩) فالسند صحيح.
(٣) تقدم تخريجه، انظر ص ٤٧٢ ت (٣) .