للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هِشَامٍ.

قَالَ عُمَرُ: فَقُلْتُ: لَئِنْ أَمْكَنَنِي اللهُ مِنْهُم لأَعْرِفَنَّهُمْ، حَتَّى قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَا قَالَ يُوْسُفَ لإِخْوَتِهِ: {لاَ تَثْرِيْبَ عَلَيْكُمُ اليَوْمَ، يَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ} [يُوْسُفُ: ٩٢] .

فَانْفَضَخْتُ حَيَاءً مِنْ رَسُوْلِ اللهِ (١) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

مَالِكٌ: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ:

بَلَغَهُ أَنَّ نِسَاءً أَسْلَمْنَ وَأَزْوَاجُهُنَّ كُفَّارٌ، مِنْهُنَّ بِنْتُ الوَلِيْدِ بنِ المُغِيْرَةِ، وَكَانَتْ تَحْتَ صَفْوَانَ بنِ أُمَيَّةَ، فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الفَتْحِ، وَهَرَبَ هُوَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنَ عَمِّهِ بِرِدَائِهِ أَمَاناً لِصَفْوَانَ، وَدَعَاهُ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَنْ يَقْدَمَ، فَإِنْ رَضِيَ أَمْراً، وَإِلاَّ سَيَّرَهُ شَهْرَيْنِ.

فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَادَاهُ عَلَى رُؤُوْسِ النَّاسِ:

يَا مُحَمَّدُ! هَذَا جَاءنِي بِرِدَائِكَ، وَدَعَوْتَنِي إِلَى القُدُوْمِ عَلَيْكَ، فَإِنْ رَضِيْتُ، وَإِلاَّ سَيَّرْتَنِي شَهْرَيْنِ.

فَقَالَ: (انْزِلْ أَبَا وَهْبٍ) .

فَقَالَ: لاَ وَاللهِ، حَتَّى تُبَيِّنَ لِي.

قَالَ: (لَكَ تَسْيِيْرُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) .

فَخَرَجَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قِبَلَ هَوَازِنَ بِحُنَيْنٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى صَفْوَانَ يَسْتَعِيْرُهُ أَدَاةً وَسِلاحاً كَانَ عِنْدَهُ.

فَقَالَ: طَوْعاً أَوْ كَرْهاً؟

قَالَ: (لاَ، بَلْ طَوْعاً) .

ثُمَّ خَرَجَ مَعَهُ كَافِراً، فَشَهِدَ حُنَيْناً وَالطَّائِفَ كَافِراً، وَامْرَأَتُهُ مُسْلِمَةٌ، فَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا حَتَّى أَسْلَمَ، وَاسْتَقَرَّتْ عِنْدَهُ بِذَلِكَ النِّكَاحِ (٢) .

وَفِي (مَغَازِي ابْنِ عُقْبَةَ) : فَرَّ صَفْوَانُ عَامِداً لِلْبَحْرِ، وَأَقْبَلَ عُمَيْرُ بنُ وَهْبِ بنِ خَلَفٍ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَسَأَلَهُ أَمَاناً لِصَفْوَانَ، وَقَالَ:

قَدْ هَرَبَ،


(١) " تهذيب ابن عساكر " ٦ / ٤٣١، ٤٣٢.
(٢) أخرجه مالك ٢ / ٧٥، ٧٦ في النكاح: باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله، وهو من بلاغات مالك التي لا يعلم اتصاله من وجه صحيح، قال ابن عبد البر: وهو حديث مشهور معلوم عند أهل السير، وابن شهاب إمام أهل السير، وكذلك الشعبي.