للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعَلْتَ أَجْزَأَ عَنْكَ.

فَتَبَسَّمَ، وَقَالَ: لِشَيْءٍ مَا يَسُوْدُ مَنْ يَسُوْدُ.

ثُمَّ عُدْتُ إِلَيْهِ مِنَ العَشِيِّ، وَإِذَا هُوَ انْحَدَرَ مِنْ سَرِيْرِهِ يَتمَلْمَلُ وَحَوْلَهُ الأَطِبَّاءُ، ثُمَّ عُدْتُ مِنَ الغَدِ وَالنَّاعِيَةُ تَنْعَاهُ، وَدَوَابُّهُ قَدْ جُزَّتْ نَوَاصِيْهَا.

وَوَقَفَ الفَرَزْدَقُ عَلَى قَبْرِهِ، وَرَثَاهُ بِأَبْيَاتٍ، فَمَا بَقِيَ أَحَدٌ إِلاَّ بَكَى (١) .

قَالَ خَلِيْفَةُ (٢) : مَاتَ بِالبَصْرَةِ، سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِيْنَ، وَلَهُ نَيِّفٌ وَأَرْبَعُوْنَ سَنَةً.

وَقِيْلَ: إِنَّهُ كَتَبَ إِلَى أَخِيْهِ: إِنَّكَ شَغَلْتَ إِحْدَى يَدَيَّ بِالعِرَاقِ، وَبَقِيَتِ الأُخْرَى فَارِغَةً.

فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِوِلاَيَةِ الحَرَمَيْنِ وَاليَمَنِ.

فَمَا جَاءهُ الكِتَابُ إِلاَّ وَقَدْ وَقَعَتِ القَرْحَةُ فِي يَمِيْنِهِ، فَقِيْلَ: اقْطَعْهَا مِنَ المَفْصِلِ (٣) .

فَجَزِعَ، فَبَلَغَتِ المِرْفَقَ، ثُمَّ أَصْبَحَ وَقَدْ بَلَغتِ الكَتِفَ، وَمَاتَ.

فَجَزِعَ عَلَيْهِ عَبْدُ المَلِكِ، وَأَمَرَ الشُّعَرَاءَ فَرَثَوْهُ (٤) .

٥٠ - شَبِيْبُ بنُ يَزِيْدَ * بنِ أَبِي نُعَيْمٍ الشَّيْبَانِيُّ

رَأْسُ الخَوَارِجِ بِالجَزِيْرَةِ، وَفَارِسُ زَمَانِهِ.

بَعَثَ لِحَرْبِهِ الحَجَّاجُ خَمْسَةَ قُوَّادٍ، فَقَتَلَهُمْ وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ، ثُمَّ سَارَ إِلَى الكُوْفَةِ،


(١) الخبر مفصل في " ابن عساكر " المجلدة العاشرة تحقيق دهمان ص ١٢٤، وما بين الحاصرتين منه، وفيه قطعة من مرثية الفرزدق، وهي في الديوان ٢ / ٢٦٨ منها: أعيني إلا تسعداني ألمكما * فما بعد بشر من عزاء ولاصبر ألم تر أن الأرض دكت جبالها * وأن نجوم الليل بعدك لا تسري فإن لا تكن هند بكته فقد بكت * عليه الثريافي كواكبها الزهر
(٢) في تاريخه ص ٢٧٣.
(٣) لفظ " ابن عساكر ": (من مفصل الكف) .
(٤) انظر " ابن عساكر " المجلدة العاشرة ص ١٢٧.
(*) المعارف ٤١٠، تاريخ الطبري ٦ / حوادث سنة ٧٦ و٧٧، مروج الذهب ٣ / ٣٤٦ وما بعدها، جمهرة ابن حزم ص ٣٢٧، تاريخ ابن الأثير ٤ / حوادث سنة ٧٦ و٧٧، وفيات الأعيان ٢ / ٤٥٤، تاريخ الإسلام ٣ / ١٦٠، البداية والنهاية ٩ / ١٩، خطط المقريزي ٢ / ٣٥٥، النجوم الزاهرة ١ / ١٩٦.