للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رثاه بقصيدة (١) ، وذكر أن مصنفاته قد جاوزت الألف (٢) ، وبالغ في ذكر مساوئ من حط عليه مثل الأمير سيف الدين تنكز (٣) نائب الشام.

ولم تكن محبة رفيقيه وإعجابهما بابن تيمية بأقل من محبة الذهبي له، بل ربما كان المزي أكثرهم إعجابا ومحبة له مع أنه أكبر منه سنا (٤) .

ومع أن الذهبي قد خالف رفيقه وشيخه " في مسائل أصلية وفرعية (٥) " وأرسل إليه نصيحته الذهبية (٦) التي يلومه، وينتقد بعض آرائه وآراء أصحابه بها، إلا أنه بلا ريب قد تأثر به تأثرا عظيما، بحيث قال تاج الدين السبكي المتوفى سنة ٧٧١ هـ: " إن هذه الرفقة المزي والذهبي والبرزالي أضر بها أبو العباس ابن تيمية إضرارا بينا وحملها من عظائم الأمور أمرا ليس هينا، وجرهم إلى ما كان التباعد عنه أولى بهم (٧) ".

إن هذه الصلة بين الرفقة، وما اختطوه لأنفسهم فيما ارتضوه، ومالوا إليه

من آراء الحنابلة، قد أدت في كثير من الأحيان إلى إيذائهم والتحامل عليهم بما


(١) ابن ناصر الدين: " بديعة الزمان "، الورقة ١٦٥، و " الرد الوافر " ص ٣٦ ٣٥.
(٢) ابن ناصر الدين: " الرد الوافر "، ص ٣٥، وقارن ابن حجر: " الدرر " ١ / ص ١٦٠.
وقال الصفدي: " ومن الذي يأتي على مجموعها! " وذكر منها جملة كبيرة " الوافي " ٥ / ٣٠ ٢٣.
(٣) ابن حجر: " الدرر "، ١ / ٦١.
وعاتب الذهبي تلميذه تاج الدين السبكي بسبب كلام وقع منه في ابن تيمية، فاعتذر منه السبكي برسالة أرسلها إليه. ابن حجر: " الدرر "، ١/ ١٦٩.
(٤) انظر أقوال المزي في ابن تيمية في كتاب " الرد الوافر " ص ١٢٨ - ١٣٠ وأقوال البرزالي في الكتاب نفسه ص ١١٩ - ١٢٣.
وكان ابن تيمية شديد الإعجاب بالمزي، فلما باشر دار الحديث الأشرفية بعد الشريشي، قال ابن تيمية: " لم يلها من حين بنيت إلى الآن أحق بشرط الواقف منه " انظر: ابن كثير: " البداية "، ١٤ / ٨٩، ابن حجر: " الدرر " ٥ / ٢٣٤، النعيمي: " تنبيه "، ١ / ٣٥.
(٥) ابن حجر: " الدرر " ١ / ١٦٦.
(٦) الذهبي: " النصيحة الذهبية لابن تيمية " (دمشق ١٣٤٧ هـ) .
(٧) السبكي: " طبقات " ٦ / ٢٥٤ (القاهرة ١٣٢٤ هـ) .